الله ( صلى الله عليه وآله ) : إذا رأيتم الرَّجل كثير الصّلاة كثير الصيام فلا تباهوا به ) أي فلا تفاخروا به من المباهاة وهي المفاخرة أو فلا تؤانسوا به من البهاء بالفتح والمدّ وهو الاُنس يقال : بهأت بالرَّجل بهاء آنست به وحينئذ يقرأ تباهئوا بالهمزة بعد الهاء ( حتّى تنظروا كيف عقله ) فإن وجدتم عقله كاملا باعتبار ظهور آثار العقلاء عنه واشتمال أعماله وأفعاله على المحسّنات العقليّة والنقليّة وجودة رأيه في الأمور الدنيوية والأخروية وحسن تصرفه في الفضايل العلمية والعمليّة ، ورعاية آداب المعاشرة مع بني نوعه فهو أهل للمباهاة والمفاخرة والمؤانسة ، إذ هو مظهر للألطاف الالهيّة ومورد للكمالات النفسانية ومعدن للفضايل الرُّوحانيّة ونور في نفسه ومنوِّر مرشد لغيره ، وإن وجدتم عقله بخلاف ذلك فعمله بعيد عن الاعتبار والافتخار ، وفيه دلالة على جواز مدح العلماء والثناء بالعقلاء سرّاً وعلانية كيف لا والآيات القرآنيّة والرِّوايات النبويّة مشحونة بذكر كمالاتهم ونشر فضائلهم زادهم الله شرفاً وتعظيماً . * الأصل : 29 - « بعض أصحابنا ، رفعه عن مفضّل بن عمر : عن أبي عبد الله ( عليه السلام ) قال : يا مفضّل لا يفلح من لا يعقل ، ولا يعقل من لا يعلم ، وسوف ينجب من يفهم ويظفر من يحلم ، والعلم جنّة والصدق عزّ ، والجهل ذُلّ ، والفهم مجدٌ ، والجود نجحٌ حسن الخلق مجلبة للمودّة ، والعالم بزمانه لا تهجم عليه اللوابس . والحزم مساءة الظن ، وبين المرء والحكمة نعمة العالم والجاهل شقي بينهما ; والله وليّ من عرفه ، وعدوّ من تكلّفه ، والعاقل غفور والجاهل ختور ، وإن شئت أن تكرم فلن ، وإن شئت أن تهان فاخشن ، ومن كرُم أصله لأن قلبه ، ومن خشن عنصره غلظ كبده ، ومن فرّط تورّط ، ومن خاف العاقبة تثبّت عن التوغّل فيما لا يعلم ، ومن هجم على أمر بغير علم جدع أنف نفسه ، ومن لم يعلم لم يفهم ، ومن لم يفهم لم يسلم ، ومن لم يسلم لم يكرم ، ومن لم يكرم يهضم ، ومن يهضم كان ألوم ، ومن كان كذلك كان أحرى أن يندم » . * الشرح : ( بعض أصحابنا رفعه عن مفضل بن عمر عن أبي عبد الله ( عليه السلام ) قال : يا مفضل ) صدَّر الحديث بندائه لطلب احضار قلبه واستعداده لما سيتلو عليه من فضايل العقل ورذايل ضدِّه ( لا يفلح من لا يعقل ) لأنَّ الفوز بالسعادات الدُّنيوية والاُخرويّة لا يتصوّر بدون العقل الّذي هو مبدء لجميع الخيرات ومنشؤ لجميع الكمالات ، وبدون استيلائه على القوّة الغضبيّة والشهويّة ( ولا يعقل من لا يعلم ) أي من انتفت عنه حقيقة العلم انتفت عنه حقيقة العقل لأنّ تحقّق حقيقة العقل وقوامها ومراتبها إنّما هو بالعلم فإذا انتفى انتفى ، أو من انتفى عنه العلم بقوى النفس ومحاسنها ومقابحها فلا يعقل يعني لا