إلى أنّ تعبير أبي عبد الله ( عليه السلام ) عن إسلام أبي طالب رضي الله عنه كان بحساب الجُمَّل ، لا أنّ إسلامه كان بذلك . ويؤيّده قول الراوي : وعقد بيده ثلاثة وستّين ، فكأنّه صلوات الله عليه قال في التعبير عن إسلام أبي طالب رضي الله عنه هذه العبارة ، أعني إله أحد جواد ، وهذه الكلمات بحساب ( 1 ) الجُمَّل عددها ثلاث وستّون ، فهي كناية عن أنّ أبا طالب قال : " اللهمّ إنّي أشهد أنّك أنت الله لا إله إلاّ أنت وحدك لا شريك لك وأنّ محمداً عبدك ورسولك " فإنّ حروف هذه الشهادة ثلاثة وستّون حرفاً . ورأيت في الكتاب الذي جمعه السيّد الجليل النسّابة فخار بن معدّ الموسوي في إثبات إسلام أبي طالب نقل هذا الحديث بهذه العبارة : " أسلم أبو طالب بكلام الجمل ، وقال السيّد الجليل المشار إليه بعد إيراده له يعني بكلام الجمل : وإسلامه على يديه صلوات الله عليه وقصّته مشهورة " ( 2 ) انتهى . ويزيد ذلك إيضاحاً أنّ حروف المباني يدلّ بها على العدد المطلق من غير نظر إلى كون المعدود سنين أو غيرها ، فهي حينئذ صالحة للدلالة على كلّ معدود ، والتعيين إنّما هو بالقرينة ، وحيث كان المقام فيما نحن فيه مقام الإخبار عن إسلام شخص ، علم أنّ المراد كلمات وأنّها ممّا يشتمل على الشهادتين ، وحيث قال صلوات الله عليه : " إله أحد جواد " في التعبير ، علم أنّ حروفها ثلاثة وستّون ؛ لأنّ إرادة الجُمل أو الكلمات بعيدة جدّاً ؛ لطول ذلك وعدم تعارفه في ذلك المقام ، فتعيّن كونها حروفاً ، كما أنّه إذا أراد المؤرّخ التعبير عن عدد سنين مخصوصة يحمل كلامه عليها ؛ لأنّ الشهور لا يستغنى بها عن السنين وكذا الساعات ، فيحمل كلامه على السنين . هذا ما تيسّر لي في هذا الحديث ؛ والله أعلم .
1 . في النسخة : " بحسب " . 2 . إيمان أبي طالب ، ص 131 ، وفيه : وقوله ( عليه السلام ) : " بكلام الجمل " يعني الجمل الذي خاطب النبيّ ( صلى الله عليه وآله ) ، وقصّته مشهورة .