ألا وإن العرب لا تحتمل السيف [1] . وقد كانت بالبصرة أمس ملحمة إن يشفع البلاء بمثلها فلا بقاء للناس . وقد بايعت العامة [2] عليا . ولو ملكنا الله أمورنا [3] لم نختر لها غيره ، ومن خالف هذا استعتب [4] . فادخل يا معاوية فيما دخل فيه الناس . فإن قلت : استعملني عثمان ثم لم يعزلني ، فإن هذا أمر لو جاز لم يقم لله دين ، وكان لكل امرئ ما في يديه . ولكن الله لم يجعل للآخر من الولاة حق الأول ، وجعل تلك أمورا موطأة ، وحقوقا ينسخ بعضها بعضا . [ ثم قعد ] ، فقال معاوية : انظر وننظر ، واستطلع رأي أهل الشام . فلما فرغ جرير من خطبته أمر معاوية [5] مناديا فنادى : الصلاة جامعة . فلما اجتمع الناس صعد المنبر ثم قال : الحمد لله الذي جعل الدعائم للإسلام أركانا ، والشرائع للإيمان برهانا ، يتوقد قبسه [6] في الأرض المقدسة التي جعلها الله محل الأنبياء والصالحين من عباده ، فأحلها أهل الشام [7] ، ورضيهم لها ورضيها لهم ، لما سبق من مكنون علمه من طاعتهم ومناصحتهم خلفاءه والقوام بأمره ، والذابين عن دينه
[1] ما بعد : " الفتن " إلى هنا ليس في ح . [2] ح : " الأمة " . [3] ح : " ولو ملكنا الله الأمور " . [4] استعتب : استقال مما فرط منه . [5] بدلها في ح : " فمضت أيام وأمر معاوية " . [6] القبس : النار ، أو الشعلة منها . وفي الأصل : " قابسه " صوابه من ح . [7] أي أحل الأرض المقدسة أهل الشام . وفي ح : " فأحلهم أرض الشام " . وما في الأصل أولى وأقوى .