حتى قتل مظلوما ، فطالبه الله بدمه ، ومن يطلبه الله فلا يفوته ، ثم ابتز الأمة أمرها وخالف جماعتها فخالفه نظراؤه من أهل السابقة والجهاد والقدم في الاسلام ، فادعى أنهم نكثوا بيعته ، فقاتلهم حتى سفكت الدماء واستحلت الحرم ، أقبل علينا لا يدعي علينا بيعة ، ولكنه يريد أن يملكنا اغترارا ، فحاربنا وحاربناه ، ثم صارت الحرب إلى أن اختار رجلا واخترنا رجلا ليحكما بما يصلح عليه الامر وتقوم به الجماعة والألفة ، وأخذنا عليهما ميثاقا وعليه وعلينا مثله على الرضى بما يحكما ، فأمضى الحكمان عليه الحكم بما علمت وخلعاه ، فوالله ما رضي بالحكم ولا صبر له ، فكيف تدعوني لأمر إنما تطلبه بحق أبيك وقد خرج منه ، فانظر لنفسك ودينك والسلام . وقال للحارث وجندب ارجعا ، فليس بيني وبينه إلا السيف . فرجعا للحسن ودفعا إليه الكتاب وأخبراه بما قال معاوية ، وما أضمره من الشماتة بموت أمير المؤمنين ( ع ) ، فكتب إليه الحسن كتابا يقول فيه : بسم الله الرحمن الرحيم من الحسن بن علي بن أبي طالب أمير المؤمنين إلى معاوية بن أبي سفيان ، سلام عليك ، فإني أحمد الله تعالى إليك الذي لا إله إلا هو . أما بعد فإن الله جل جلاله بعث محمدا رحمة للعالمين ، وكافة إلى الخلق أجمعين ، لينذر من كان حيا ، ويحق القول على الكافرين ، فبلغ رسالات الله ، وأقام بأمر الله ، حتى توفاه الله غير مقصور ولا وان ، بعد أن أظهر الله به الحق ، وقمع به الشرك ، فلما توفي تنازعت العرب سلطانه فادعت قريش سلطانه ، فسلمت لهم العرب ذلك ، وجاحدتنا قريش حقوقنا ، واستولوا على ظلمنا ، ولنا الحجة الظاهرة عليهم ، والسلطان المبين ، فالموعد الله وهو نعم المولى ونعم النصير ، ولقد كنا تعجبنا لتوثب المتوثبين علينا في حقنا وسلطان نبينا ، وإن كانوا ذوي سابقة في الاسلام ، فأمسكنا عن منازعتهم مخافة على الدين أن يبيد ، وأن يجد المنافقون والأحزاب في ذلك مغمزا يثلبونه بنا ، ويكون بذلك لهم سببا إلى ما أرادوا من إفساده ، فاليوم فليتعجب المتعجب من