نقترح أن نجعل كل ليلة على قبيلة تحرس سيدنا ومولانا أمير المؤمنين ( ع ) ، فإنه يخرج غلسا إلى الجامع ونخاف أن يغتاله هذا اللعين فيفجعنا فيه ، فابتدأت بذلك أهل الكنائس ، فلما أقبل أمير المؤمنين ( ع ) وجدهم شاكين في سلاحهم ، فقال : ما شأنكم ؟ قالوا : تخوفنا عليك من هذا المرادي اللعين فجئنا لنحرسك فجزاهم خيرا وتلا قوله تعالى : ( قل لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا هو مولانا وعلى الله فليتوكل المؤمنون ) [1] ثم قال : إذا نزل القضاء فلا راد له وكفى الاجل حارسا . فتفرق القوم ، فكانت في الكوفة امرأة من الخوارج اسمها قطام بنت سجية بن تميم من تيم الرباب ، وقد خطبها ابن ملجم وتمكن في قلبه حبها ، فقالت : نعم على ثلاثة آلاف درهم وعبد وقينة ، وأشترط عليك قتل الخليفة علي بن أبي طالب ، فقال : والله ما أقدمني إلى هذا المصر وكنت بعيدا منه إلا قتل هذا الرجل ، فلك ذلك ، ولله در الفرزدق حيث يقول متعجبا من هذا الاقدام : [ فلم أر مهرا ساقه ذو سماحة * كمهر قطام من فصيح وأعجمي ] [ ثلاثة آلاف وعبد وقينة * وضرب علي بالحسام المسمم ] [ فلا مهر أغلى من علي وإن علا * ولا فتك إلا دون فتك ابن ملجم ] روي أن ابن ملجم دخل يوما الجامع ، وأمير المؤمنين على المنبر يخطب ، فقال : والله لأريحن منك العباد ، فسمعه بعض الأصحاب فأتى به ملببا ، فقال لهم أمير المؤمنين : وما تريدون منه ؟ فأخبروه بما قال ، فقال ( ع ) : خلوا عنه ، فإنه لم يقتلني ، ولم يزل يكرمه لسرعته في الخدمة ويؤثره على غيره لتأدبه استظهارا عليه ، ومع ذلك يقول : أنت قاتلي لا محالة ، بذلك أخبرني رسول الله .