وحملهم على عداوتهم واغرائهم وأوليائهم ، حتى تستحكموا ضلالة الخلق وكفرهم ، ولا ينجوا منهم ناج ، ولقد صدق عليهم إبليس ظنه وهو كذوب انه لا ينفع مع عداوتكم عمل صالح ، ولا يضر مع محبتكم وموالاتكم ذنبا غير الكبائر . قال زائدة : ثم قال علي بن الحسين بعد أن حدثني بهذا الحديث : خذه إليك ما لو ضربت في طلبه آباط الإبل حولا لكان قليلا ولكون زينب ( ع ) عالمة بجميع ما يجري عليها من المصائب والنوائب والمحن وأنها على بصيرة من أمرها قابلت تلك الرزايا والفوادح بجميل الصبر وعظيم الاتزان وقوة الايمان وكامل الاخلاص . وإليك نبذة يسيرة من مصائبها العظيمة وفوادحها الكبرى ، فإنها ( ع ) رأت من المصائب والنوائب ما لو نزلت على الجبال الراسيات لانفسحت واندكت جوانبها ، لكنها في ذلك تصبر الصبر الجميل كما هو معلوم لكل من درس حياتها ، وأول مصيبة دهمتها هو فقدها جدها النبي ( ص ) وما لاقى أهلها بعده من المكاره ، ثم فقدها أمها الكريمة بنت رسول الله بعد مرض شديد وكدر من العيش والاعتكاف في بيت الأحزان ، ثم فقدها أباها عليا وهو مضرج بدمه من سيف ابن ملجم المرادي ( لع ) ، ثم فقدها أخاها المجتبى المسموم تنظر إليه وهو يتقيأ كبده في الطشت قطعة قطعة ، وبعد موته ( ع ) ترشق جنازته بالسهام ، ثم رؤيتها أخاها الحسين ( ع ) تتقاذف به البلاد حتى نزل كربلاء وهناك دهمتها الكوارث العظام من قتله ( ع ) وقتل بقية إخوتها وأولادهم وأولاد عمومتها وخواص الأمة من شيعة أبيها ( ع ) عطاشى ، ثم المحن التي لاقتها من هجوم أعداء الله على رحلها ، وما فعلوه من سلب وسبي ونهب وإهانة وضرب لكرائم النبوة وودائع الرسالة ، وتكفلها حال النساء والأطفال في ذلة الأسر ، ثم سيرها معهم من بلد إلى بلد ومن منزل إلى منزل ومن مجلس إلى مجلس ، وغير ذلك من الرزايا التي يعجز عنها البيان ويكل اللسان ، وهي مع ذلك كله صابرة