محتسبة ومفوضة أمرها إلى الله ، قائمة بوظائف شاقة من مداراة العيال ومراقبة الصغار واليتامى من أولاد إخوتها وأهل بيتها ، رابطة الجأش بإيمانها الثابت وعقيدتها الراسخة ، حتى أنها كانت تسلي إمام زمانها زين العابدين ( ع ) ، وأما ما كان يظهر منها بعض الأحيان من البكاء وغيره فذلك أيضا كان لطلب الثواب أو للرحمة التي أودعها الله عز وجل في المؤمنين ، أما طلب الثواب فلعلمها بما أعده الله عز وجل للبكائين على الحسين . قال الصادق ( ع ) من ذكرنا أو ذكرنا عنده فخرج من عينه مثل جناح البعوضة ، غفر الله له ذنوبه ولو كانت مثل زبد البحر . وأما الرحمة التي أودعها الله في المؤمنين فمثل ما كان من النبي ( ص ) على ما رواه البخاري في صحيحه عن أنس بن مالك عند ما دخل رسول الله ( ص ) وولده إبراهيم يجود بنفسه قال : فجعلت عينا رسول الله ( ص ) تذرفان فقال له عبد الرحمن بن عوف : وأنت يا رسول الله ، فقال : يا ابن عوف إنها رحمة . ثم اتبعها بأخرى فقال رسول الله ( ص ) : إن العين تدمع والقلب يحزن ولا نقول إلا ما يرضي ربنا ، وإنا بفراقك يا إبراهيم لمحزونون ، وبالجملة فزينب ( ع ) صبرت صبر الكرام على تلك المصائب العظام والنوائب الجسام . فمن عجيب صبرها وإخلاصها وثباتها ما نقله في الطراز المذهب أنها سلام الله عليها وعلى أبيها وأمها وأخويها لما وقفت على جسد أخيها الحسين ( ع ) قالت : اللهم تقبل منا هذا القليل من القربان قال : فقارنت أمها في الكرامات والصبر في النوائب بحيث حرقت العادات ولحقت بالمعجزات . قال المؤلف النقدي أعلا الله مقامه : فهذه الكلمات من هذه الحرة الطاهرة ، في تلك الوقفة التي رأت بها أخاها العزيز بتلك الحالة المفجعة ، التي كانت فيها تكشف لنا قوة إيمانها ورسوخ عقيدتها وفنائها في جنب الله تعالى ، وغير ذلك مما لا يخفى على المتأمل . وقال عمر أبو النصر اللبناني في كتابه الحسين بن علي المطبوع حديثا