صلينا العتمة جاءني السائس فقال : نفق فرسك الساعة ، فاغتممت وعلمت أنه عنى هذا بذلك القول ، ثم دخلت على أبي الحسن ( ع ) بعد أيام وأنا أقول في نفسي ليته يخلف علي دابة ، فلما جلست قال : قبل أن أحدثه بشئ : نعم يخلف الله عليك ، يا غلام أعطه برذوني الكميت . ثم قال : هذا خير من فرسك وأوطأ وأطول عمرا . وقال أحمد بن محمد : كنت كتبت إلى أبي محمد الحسن ( ع ) حين أخذ المهدي في قتل الموالي يا سيدي الحمد لله الذي شغله عنا ، فقد بلغني أنه يتهددك ويقول : والله لأخلينهم عن جدد الأرض ، فوقع بخطه ذلك أقصر لعمره ، فعد من يومك هذا إلى خمسة أيام ، فيقتل يمر به في اليوم السادس بعد هوان واستخفاف بموته . فكان كما قال ( ع ) . ودخل العباسيون على صالح بن وصيف عندما حبس ( ع ) عنده وقالوا له : ضيق عليه ولا توسع فقال صالح : ما أفعل به فقد وكلت به رجلين من أشر ما قدرت عليه ، وقد صار إلى العبادة والصلاة والصيام إلى أمر عظيم ، ثم أمر بإحضار الموكلين فقال لهما : ويحكما وما شأنكما في أمر هذا الرجل ؟ فقالا له : ما تقول في رجل يصوم النهار ويقوم الليل كله ، لا يتكلم ولا يتشاغل بغير العبادة ، فإذا نظر نظر إلينا ارتعدت فرائصنا ، ودخلنا مما لا نملكه على أنفسنا ، فلما سمع العباسيون انقلبوا . وذكر جماعة من أصحابنا قالوا : سلم الحسن ( ع ) إلى حباس يقال له نحير ويقال نحرير فكان يضيق عليه ويؤذيه ، فقالت له امرأته : اتق الله فإنك لا تدري من في منزلك ، وذكرت له صلاحه وعبادته ، وقالت : إني أخاف عليك منه فقال : والله لأرمينه إلى السباع ، ثم استأذن الخليفة في ذلك فأذن له ، فرمى به إليها ولم يشكوا في هلاكه ، فنظروا إلى الموضع ليعرفوا الحال فوجدوه قائما يصلي والسباع حوله ، فأمر بإخراجه إلى داره .