الاسلام دينا ) [1] والأرض لا تخلوا ممن يكمل هذه الأمور التي يقصر عنها غيرنا . فلما سمع هشام ذلك من أبي ( ع ) انقلبت عينه اليمنى واحولت واحمر وجهه ، وكان ذلك علامة غضبه إذا غضب ، ثم أطرق هنية ، ثم رفع رأسه ، فقال لأبي ( ع ) : ألسنا بني عبد مناف نسبنا ونسبكم واحد ؟ فقال أبي : نحن كذلك ، ولكن الله جل ثناؤه اختصنا من مكنون سره وخالص علمه بما لا يخص به أحدا غيرنا ، فقال : أليس الله جل ثناؤه بعث محمدا ( ص ) من شجرة عبد مناف إلى الناس كافة أبيضها وأسودها وأحمرها ؟ من أين ورثتم ما ليس لغيركم ورسول الله ( ص ) مبعوث إلى الناس كافة وذلك قول الله تعالى ( ولله ميراث السماوات والأرض ) [2] الآية ، فمن أين ورثتم هذا العلم وليس بعد محمد ( ص ) نبي ولا أنتم أنبياء ؟ فقال ( ع ) : عن قوله تعالى لنبيه : ( لا تحرك به لسانك لتعجل به ) [3] لم يحرك به لسانه لغيرنا ، أمره الله أن يخصنا به من دون غيرنا ، فلذلك كان يناجي أخاه عليا ( ع ) من دون أصحابه ، فأنزل الله تعالى بذلك قرآنا في قوله تعالى ( وتعيها اذن واعية ) [4] ، فقال رسول الله ( ص ) لعلي ( ع ) من دون أصحابه : سألت الله عز وجل أن يجعلها أذنك يا علي ، فلذلك قال علي ( ع ) بالكوفة : علمني رسول الله ( ص ) ألف باب من العلم ففتح لي من كل باب ألف باب خصه رسول الله ( ص ) من مكنون سره بما لم يخص به أحدا من قومه حتى صار إلينا فورثناه من دون أهلنا . فقال هشام : إن عليا ( ع ) كان يدعي علم الغيب والله تعالى لم يطلع على
[1] سورة المائدة ، الآية : 3 . [2] سورة الحديد ، الآية : 10 . [3] سورة القيامة ، الآية : 16 . [4] سورة الحاقة ، الآية : 12 .