اليوم الذي مات فيه رسول الله ( ص ) . [ ألا لا تزين الدار إلا بأهلها * على الدار من بعد الحسين سلام ] فلم يزل سلام الله عليه مدة بقائه ملازما لبكائه مصاحبا لحزنه وأشجانه ، ولم يكف أعداء الله وأعداء رسوله أولئك الطغاة اللئام ما صدر عليه وحل به من الفجائع العظام والرزايا الجسام والعلل والأسقام ، بل لا زالوا يرصدونه بالمخاوف ويقصدونه بالمكاره إلى أن آل الامر إلى هشام بن عبد الملك ، وقيل الوليد بن عبد الملك عليهم اللعنة ، فدس إليه سما في أشياء أعدها له فأكلها سلام الله عليه ، فلما سرى السم في بدنه الشريف وتيقن حلول أمر الله تعالى به وانقطاع أجله أقبل على ولده وخليفة الله من بعده أبي جعفر محمد الباقر ( ع ) وقال : يا بني إن الوقت الذي وعدته قد قرب فأوصيك يا بني في نفسك خيرا ، واصبر على الحق وإن كان مرا فإنه لتحدثني نفسي بسرعة الموت لقوله تعالى : ( أولم يروا إنا نأتي الأرض ننقصها من أطرافها والله يحكم لا معقب لحكمه وهو سريع الحساب ) [1] ، يا بني لا تصحبن خمسة ولا تحادثهم ولا ترافقهم في طريق أبدا قال أبو جعفر ( ع ) : فقلت : يا أبة جعلت فداك من هؤلاء الخمسة ؟ فقال لي : لا تصحبن فاسقا فإنه يعيبك ويبيعك بأكلة فما فوقها ثم لا ينالها ، فقلت له : ومن الثاني ؟ فقال ( ع ) : لا تصحبن البخيل فإنه يقطع بك ماله أحوج ما كنت إليه فقلت له : ومن الثالث ؟ فقال لي : لا تصحبن كذابا فإنه بمنزلة السراب يبعد منك القريب ويقرب منك البعيد ، فقلت له : ومن الرابع ؟ فقال لي : لا تصحبن أحمقا فإنه يريد أن ينفعك فيضرك ، فقلت : يا أبة ومن الخامس ؟ فقال لي : لا تصحبن قاطع رحم فإني وجدته ملعونا في كتاب الله تعالى في ثلاثة مواضع ، ثم قال ( ع ) : يا بني إذا أنا مت فغسلني فإن الامام لا يغسله إلا إمام مثله ، واعلم أن أخاك عبد الله سيدعو الناس إلى نفسه ويدعي الإمامة بعدي ، فإذا دعاها فامنعه فإن أبى فدعه فإن عمره