[ يا أهل يثرب لا مقام لكم بها * قتل الحسين فأدمعي مدرار ] [ الجسم منه بكربلاء مضرج * والرأس منه على القناة يدار ] قال : ثم قلت : هذا علي بن الحسين مع عماته وأخواته قد حلوا بساحتكم ونزلوا بفنائكم ، وأنا رسوله إليكم أعرفكم مكانه قال : فما بقيت في المدينة مخدرة ولا محجبة إلا برزن من خدورهن مكشوفة شعورهن ، مخمشة وجوههن ، ضاربات خدودهن ، يدعون بالويل والثبور ، فلم أر باكيا أكثر من ذلك اليوم ولا يوما أمر على المسلمين منه . [ الله أكبر مات الدين وانطمست * أعلامه وهوى الايمان والرشد ] [ وقوضت خيم الأطهار من حرم * المختار لما هوى من بينها العمد ] قال : وسمعت جارية تنوح على الحسين ( ع ) وتقول : [ نعى سيدي ناع نعاه فأوجعا * وأمرضني ناع نعاه فأفجعا ] [ أعيني جودا بالدموع واسكبا * وجودا بدم بعد دمعكما معا ] [ على من دهى عرش الجليل فزعزعا * فأصبح هذا الدين والمجد أجدعا ] [ على ابن نبي الله وابن وصيه * وإن كان عنا شاحط الدار أشيعا ] ثم قالت : أيها الناعي جددت حزننا بأبي عبد الله ( ع ) وخدشت منا قروحا لما تندمل فمن أنت يرحمك الله ؟ فقلت : أنا بشر بن حذلم ، وجهني مولاي علي بن الحسين وهو نازل بموضع كذا وكذا مع عيال أبي عبد الله الحسين ونسائه قال : فتركوني وبادروني ، فضربت فرسي حتى رجعت إليهم فوجدت الناس قد أخذوا الطرق والمواضع ، فنزلت عن فرسي وتخطيت رقاب الناس حتى قربت من الفسطاط ، وكان علي بن الحسين داخلا فخرج ومعه منديل يمسح به دموعه وخلفه خادم معه كرسي فوضعه له وجلس عليه وهو لا يتمالك [ نفسه ] من البكاء ، وارتفعت أصوات النساء بالبكاء وجئن النساء والجواري والناس يعزونه من كل ناحية ، فضجت تلك البقعة ضجة شديدة وصار وكأنه