قصير ، واعلم يا بني أني مفارقك عن قريب فإن الموت قد قرب وقد بلغ الوليد مني مراده . [ فيا لامام محكم الذكر بعده * تداعت له أركانه والجوانب ] [ ويا لسقيم شفه السقم والبكا * ويا لنحيل أنحلته المصائب ] [ ويا لفقيد قد أقامت مأتما * عليه المعالي فهي ثكلى نوادب ] [ فلا عجب بيت النبوة أن دجى * ومن أفقه بد الإمامة غارب ] [ وماد قوام للعلى ومقوم * وجب سغام للفخار وغارب ] قال محمد الباقر ( ع ) فضمني أبي إلى صدره ثم قال : يا بني أوصيك بما أوصاني به أبي حين حضرته الوفاة ، وذكر ( ع ) أن من جملة ما أوصاه به أبوه أن قال : يا بني إياك وظلم من لا يجد عليك ناصرا إلا الله ثم أغمي عليه ثلاثا ، ثم فتح عينيه وقرأ ( إذا وقعت الواقعة ) [1] ( وإنا فتحنا لك فتحا مبينا ) [2] وقال : الحمد لله الذي صدقنا وعده وأورثنا الأرض نتبوء من الجنة حيث نشاء ، فنعم أجر العاملين ، ثم أشرق من وجهه الشريف نور ساطع يكاد يخطف الابصار ، ثم نادى : يا أبا جعفر عجل ، ففاضت نفسه الشريفة فلطم الباقر رأسه ورفع صوته بالبكاء وضج أهله وعياله وأهل المدينة ضجة واحدة كادت منها الأرض ان تسيخ بأهلها ، وقام الصراخ وعلا النحيب من كل جانب ومكان ، ومادت السماوات وناحت الملائكة وهتفت الجن بالصراخ ، ولم يرفع حجر ولا مدر إلا وجد تحته دم عبيط ، وخرجت المخدرات من خدورها ناشرة لشعورها . [ قضى ميتا بالسم روحي فداءه * وأهلي ومالي والبنون له فدا ] [ قضى بنجيع السم من كيد ظالم * تعدى على أهل النبوة والهدى ] [ سأبكيه بالدمع الهتون صبابة * وأهجر لذات الهنا مدة المدى ] [ فيا لك من رزء عظيم وفادح * أهد ذرى العلياء والمجد والندى ]
[1] سورة الواقعة ، الآية : 1 . [2] سورة الفتح ، الآية : 1 .