ثم خرج من وقته ذلك ، وتوجه إلى عبد الملك بن مروان ، حتى قدم عليه في الشام ، فوقف ببابه يطلب الاذن ، فمر به يحيى ابن أم الحكم ، فلما رآه يحيى مال إليه وسلم عليه ، وسأله عن قدومه ، فأخبره وقال : إني سأنفعك عند عبد الملك ، فلما دخل على عبد الملك قال له : لقد أسرع إليك الشيب يا أبا محمد ، فقال يحيى بن أم الحكم ما يمنعه يا أمير شيبه أماني أهل العراق لقدوم الركب عليه يمنونه الخلافة ، فأقبل إليه الحسن بن الحسن وقال له : بئس الرفد رفدك ، ليس الامر كما قلت ، ولكنا أهل بيت يسرع إلينا الشيب وعبد الملك يسمع ، فأقبل إليه عبد الملك وقال : هلم لما جئت له ، فأخبره بقول - الحجاج ، فقال : ليس ذلك له ، أكتب إليه كتابا لا يتجاوزه ، فكتب إليه ، ووصل الحسن بصلة فأحسن صلته . فلما خرج من عنده لحقه يحيى بن أم الحكم ، فعاتبه الحسن بن الحسن ( ع ) على سوء محضره ، فقال له : هذا الذي وعدتني من رفدك ؟ فقال له يحيى : أيها عليك والله لا يزال يهابك ، ولولا هيبتك ما قضى لك حاجة ، والله ما أراد بذلك رفدك . وروي أن الحسن بن الحسن خطب إلى عمه الحسين إحدى ابنتيه ، فقال له الحسين : اختر أيهما شئت ، فاستحى الحسن ولم يرد جوابا ، فقال له الحسين ، يا بني إني اخترت لك ابنتي فاطمة فهي أكثر شبها بأمي فاطمة بنت محمد ، فزوجه بها ، وقبض الحسن بن الحسن وله خمس وثلاثون سنة ، ولما مات رحمه الله ضربت فاطمة بنت الحسين فسطاطا تقرأ عنده القرآن ، وكانت تصوم النهار وتقوم الليل ، وكانت تشبه الحور العين لجمالها . فلما كان رأس السنة ، قالت لمواليها : إذ أظلم الليل قوضوا هذا الفسطاط ، فلما أظلم الليل سمعت قائلا يقول : هل وجدوا من فقدوا ؟ فأجابه آخر : بل يئسوا فانقلبوا ، فمضى الحسن بن الحسن ولم يدع الإمامة ، ولا ادعاها له مدع .