وأما زيد بن الحسن ، فإنه كان مع عمه الحسين بكربلاء ، وكان صغيرا لم يراهق ولم يقاتل ، وأخذ أسيرا مع الأسارى ، وسير به مع علي بن الحسين وباقي الحرم والأطفال إلى الشام ، وأدخلوا على يزيد في أسوأ حال ومقام . روي أنه كان ذات يوم جالسا بين يدي يزيد بن معاوية ، وكان ولده خالدا جالسا معه ، فقال يزيد لزيد بن الحسن ( ع ) أتصارع ابني خالدا ؟ فقال : لا ولكن اعطه سكينا واعطني سكينا وأقاتله : فقال يزيد بن معاوية : شنشنة أعرفها من أخزم ، هل تلد الحية إلا حية ؟ يريد أن يقتل ابني بمحضري . ثم أن زيد رجع إلى المدينة مع علي بن الحسين وحرم الحسين وأقام بها ، وكان زيد جليل القدر ، كريم الطبع ، طلق النفس ، كثير البر ، وكان يتولى صدقات رسول الله ( ص ) ، ومدحه الشعراء وقصده الناس من الآفاق لطلب فضله ، وأسن زيد حتى بلغ تسعين سنة ، وذكر أرباب السير أنه لما ولي سليمان بن عبد الملك كتب إلى عامله في المدينة : أما بعد إذا جاءك كتابي فاعزل زيد بن الحسن عن صدقات رسول الله وادفعها إلى فلان رجل من قومه ، وأعنه على ما استعانك عليه . فعزله عامل سليمان . فلما تخلف عمر بن عبد العزيز كتب إلى عامله بالمدينة : أما بعد فإن زيد بن الحسن شريف بني هاشم وذو سنهم ، فإذا جاءك كتابي هذا فاردده إلى عمله وأعنه على ما استعانك عليه ، وفي زيد يقول محمد بن بشر الخزرجي هذه الأبيات . [ إذا نزل ابن المصطفى بطن تلعة * نفى جدبها واخضر بالنبت عودها ] [ وزيد ربيع الناس في كل شتوة * إذا اختلفت أبراقها ورعودها ] [ حمولا لأشتات الديات كأنه * سراج الدجى قد قارنته سعودها ]