قال : ثم أتى الحسن ودخل بيته ودخل معه المسيب بن نجبة وعبيدة بن عمر الكندي ، فقال المسيب بن نجبة للحسن : ما ينقضي عجبي منك ، بايعت معاوية ومعك أربعون ألفا ، ولم تأخذ لنفسك وثيقة وعهدا ، أعطاك أمرا فيما بينك وبينه . ثم قال : ما سمعت أما والله ما أراد بها غيرك ، فقال الحسن : فما ترى ؟ قال : أن ترجع لما كنت عليه ، فقد نقض ما كان بينك وبينه ، ثم قال : يا مسيب لو أردت بما فعلت الدنيا لم يكن معاوية بأصبر على اللقاء ، ولا أثبت عند الحرب مني ، ولكن أردت إصلاحكم وكف بعضكم عن بعض فارضوا بقضاء الله وقدره حتى يستريح بر ويستراح من فاجر ، ودخل عبيدة بن عمر الكندي على الحسن ، وكان قد ضرب على وجهه ضربة وهو مع قيس بن سعد ، فقال له الحسن : ماذا أرى بوجهك ؟ فقال : أصبت مع قيس بن سعد بن عبادة ، فالتفت حجر بن عدي رضي الله عنه إلى الحسن وقال : لوددت أنك مت قبل هذا ولم يكن ما كان ، إنا رجعنا راغمين بما كرهنا ، ورجعوا مسرورين بما أحبوا ، فتغير وجه الحسن ( ع ) وغمز الحسين ( ع ) حجرا فسكت حجر . فقال الحسن : يا حجر ليس كل الناس تحب ما تحب ، ولا رأيهم رأيك ، ولا فعلت ما فعلت إلا اتقاء عليك ، والله كل يوم هو في شأن ، يا حجر إن رسول الله ( ص ) رفع له ملك بني أمية ، فنظر إليهم يعلون منبره واحدا بعد واحد ، فشق عليه ذلك ، فأنزل الله في ذلك قرآنا ، قال : ( وما جعلنا الرؤيا التي أريناك إلا فتنة للناس والشجرة الملعونة في القرآن ) [1] . وسمعت أبي علي بن أبي طالب يقول : سيلي أمر هذه الأمة رجل واسع البلعوم كبير البطن ، فسألته من هو ؟ فقال : معاوية ، وقال : إن القرآن نطق بملك بني أمية ومدتهم قال الله تعالى : ( ليلة القدر خير من ألف شهر ) [2]
[1] سورة الإسراء ، الآية : 60 . [2] سورة القدر ، الآية : 3 .