ولا رمى إلا غرضه ، فشغب عليه من لا يشق غباره ولا يبلغ كعبه ، وزعمت أني يهودي ابن يهودي ، وعلمت وعلم الناس أني وأبي أعداء الدين الذي دخلت فيه ، وأنصار الدين الذي خرجت منه وصرنا إليه والسلام . فلما قرأه معاوية أغاظه وأراد إجابته ، فقال عمرو بن العاص : مهلا فإنك إن كتبته أجابك بأشد من هذا ، وإن تركته دخل في ما يدخل فيه الناس ، فأمسك عنه ، ثم كتب معاوية إلى الحسن ( ع ) كتبا متعددة يطلب منه الصلح وأن يجعل الامر له ، وشرط له شروطا كثيرة ، ثم أرسل إليه كتب الاشراف من أهل الكوفة ورؤساء القبائل يعدونه بالنصر والغدر بالحسن وتسليمه و أهل بيته إلى معاوية . ودس معاوية إلى عمرو بن حريث ، والأشعث بن قيس ، وإلى حجر بن الحر ، وشبث بن ربعي دسيسا ، وأفرد كل واحد بعين من عيونه ، إنك إن قتلت الحسن بن علي بن أبي طالب فلك مائة ألف درهم ، وجند من أجناد الشام ، وبنت من بناتي ، فبلغ الحسن ذلك ، فاستلام ولبس درعا وكفرها ، وكان يحترز ولا يتقدم بهم في الصلاة إلا كذلك ، فرماه أحدهم في الصلاة بسهم فلم يثبت فيه لما عليه من الدرع المستور ، ثم قدم إلى الحسن خبر عامله زياد ، أنه استماله معاوية ، واستخلص بيعته وبيعة فارس ، فعلم الحسن ( ع ) أن أصحابه خذلوه وكرهوا مقامه فيهم ، فقام خطيبا صبح ليلة نزوله ساباط ، ليمتحن أصحابه و يختبر أحوالهم وطاعتهم ، ليميز أوليائه من أعدائه ، ويكون على بصيرة من أصحابه في لقاء معاوية ، فأمر أن ينادى الصلاة جامعة فاجتمعوا ، فصعد المنبر ، فخاطبهم وقال : الحمد لله كما حمده حامد ، وأشهد أن لا إله إلا الله كلما شهد له شاهد ، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله أرسله بالهدى ودين الحق ، وائتمنه على الوحي ، أما بعد ، فوالله إني لأرجو أن أكون قد أصبحت بحمد الله ومنه ، وأنا أنصح خلق الله لخلقه ، وما أصبحت حاملا على امرئ ضغينة ، ولا مريدا