ألا تعجبون من ابن عم رسول الله كيف اتبع هواه وغرته دنياه ، فترك بيعة الحسن ابن بنت رسول الله وخير الخلق بعدهم ، ودخل في حزب هذا الطاغي المنافق ، أيها الناس لا يحملنكم ما فعل على الشك في الحق والوقوع في الباطل ، فإن الدنيا لها طالب ، والأخرى لها طالب ، فنسأل الله تعالى بمنه أن يجعلنا وإياكم من الطالبين لما عند الله من الكرامة ، والآخرة خير وأبقى . ثم أمرهم بالصبر والنهوض على العدو ، فأجابوه بالطاعة ، وقالوا له : انهض بنا إلى عدونا على اسم الله تعالى ، فنزل ونهض بهم ، فخرج لهم بسر بن أرطأة ، فصاحوا : يا أهل العراق ويحكم هذا أميركم عندنا ، وإمامكم الحسن قد دخل في طاعتنا فعلام تقتلون أنفسكم ، فقال قيس بن سعد لأصحابه اختاروا إحدى اثنتين إما أن تقاتلوا بلا إمام وإما أن تبايعوا بيعة ضلال ، فخرجوا وضربوا أهل الشام حتى ردوهم إلى مصافهم . فكتب معاوية إلى قيس بن سعد يدعوه ويعده ويمنيه ، فكتب إليه قيس والله لا تلقاني أبدا إلا بيني وبينك الرمح والسيف ، فكتب إليه معاوية لما يئس منه : أما بعد فإنك يهودي ابن يهودي تشقي نفسك وتقتلها فيما ليس لك ، فإن ظهر أحب الفريقين إليك نبذك وعزلك ، وإن ظهر أبغضهم إليك نكل بك وقتلك ، وقد كان أبوك أوتر غير قوسه ، ورمي غير غرضه ، فأكثر الحز وأخطأ المفصل ، فقتله قومه ، وأدركه يومه فمات بحوران طريدا غريبا والسلام . فكتب إليه قيس بن سعد بن عبادة رضي الله عنه : أما بعد ، فإنك وثن ابن وثن ، دخلت في الاسلام كرها ، فأقمت فيه فرقا ، وخرجت منه طوعا ، ولم يجعل الله لك فيه نصيبا ، لم يقدم إسلامك ، ولم يحدث نفاقك ، ولم تزل حربا لله ولرسوله ، وحزبا من أحزاب المشركين ، وعدوا لله ولنبيه والمؤمنين من عباده ، وذكرت أبي ، فلعمري ما أوتر إلا قوسه ،