له بسوء ولا غائلة ، وإنما تكرهون في الجماعة خير مما تحبون في الفرقة ، وإني ناظر لكم خير من نظركم لأنفسكم ، فلا تخالفوا علي أمري ، ولا تردوا علي رأيي ، غفر الله لكم و أرشدني وإياكم لما فيه من المحبة والرضى . قال : وكان غالب من معه من جنده محكمة وأصحاب فتن ، فنظر الناس بعضهم إلى بعض وقالوا : ما ترونه يريد بما قال ؟ قالوا : نظن أنه يريد أن يصالح معاوية ويسلم إليه الامر ، فقالوا : كفر والله الرجل ، فشدوا على فسطاطه وانتهبوه حتى أخذوا مصلاه من تحته ، ثم شد عليه عبد الرحمن بن عبد الله بن جعال الأزدي فانتزع مطرفه عن عاتقه ، فبقي واقفا متقلدا سيفا بغير رداء ، ثم دعى بفرسه فركبه ، وأحدق به أخوته وخاصته وشيعته ، ومنعوا عنه من أراده ، ودعى من معه ربيعة وهمدان فطافوا به ومنعوه ، فسار ومعه شوب من شيعته ، فلما مر في مكان مظلم بساباط ، بدر إليه رجل من بني أسد اسمه الجراح بن سنان لعنه الله ، فأخذ بلجام فرسه وبيده مغول ، فقال : الله أكبر أشركت يا حسن كما أشرك أبوك من قبل ، فطعنه في فخذه فشقه حتى بلغ العظم ، فاعتنقه الحسن وخرا جميعا إلى الأرض فأكب عليه رجل من شيعة الحسن يقال له زيد بن حفصة التيمي فرضخ رأسه بحجر ، وخضخضه عمارة ابن ظبيان [1] بخنجر فمات الجراح من ساعته لا رحمه الله تعالى ، وقتل شخص ملعون كان يساعده ، وحمل الحسن على سريره إلى المدائن ، فبقي في المدائن أياما كثيرة لمعالجة جرحه . وأرسل إلى طبيب نصراني يعالجه ، فلما برئ جرحه ، أخرج كيسا فيه خمسمائة دينار وصبها بين يديه وقال له : يا أخا النصارى خذها ونحن نعتذر إليك لأنا على طريق وقد نهب أعداء الله فسطاطنا ، فضحك النصراني وقال له : يا ابن رسول الله أتدري منذ كم أتوقع قدومكم ؟ منذ فتح سعد بن أبي