قال الثعلبي في تفسير قوله تعالى : ( والسابقون الأولون ) [1] فلم يزل علي مع رسول الله ( ص ) حتى بعثه نبيا ، فاتبعه علي وآمن به وصدقه ، ونزل جبرائيل يوما على النبي وهو بأعلى مكة فغمز جبرائيل بعقبة وانفجر الماء فتوضأ النبي ( ص ) وصلى الظهر ، واتبعه عليا في تلك الصلاة ، وهي أول صلاة فرضها الله عز وجل ، ثم نزلت الآية : ( وأنذر عشيرتك الأقربين ) [2] . روى الثعلبي في تفسيره عن البراء بن عازب قال : لما نزلت هذه الآية جمع رسول الله بني عبد المطلب ، وقال : إني أنا النذير إليكم من الله عز وجل ، وجئتكم بما لم يجئ به أحد ، جئتكم بالدنيا والآخرة ، فأسلموا ، أو سلموا وأطيعوا ، فمن يؤاخيني ويؤازرني ، ويكون لي وليي ووارثي ووصيي بعدي ، وخليفتي وقاضي ديني ؟ فسكتوا ، وأعاد القول ثلاثا ، ولم يقل غير علي بن أبي طالب ( ع ) أنا ، فقال رسول الله ( ص ) : أنت أنت ، قال : فقاموا وهم يقولون لأبي طالب : أطع ابنك فقد أمر عليك ، ولما مات أبي طالب ، كثر منهم الأذى إلى رسول الله ، وأمير المؤمنين يتحمل عنه مكان أبيه ، ويكابد الأذى والمشقة فيه ، حتى أذن الله لنبيه بالمهاجرة إلى يثرب ويخلف عليا لأداء الديون ، ورد الودائع ، وكفالة النساء ليخرج بهن إليه ، وأمره الله أن يبيته على فراشه ليخفي خروج رسول الله على قريش ، فيفرط عليهم ما دبروه في هلاكه ومكروه في قتله ، فأخبر عليا بذلك فانسر سرورا عظيما ، وسجد لله شكرا ، فقال له علي بن أبي طالب : امض فيما أمرت به فإني لله ولك مطيع ، فداك أبي وأمي ونفسي ، فخرج رسول الله قاصدا إلى المدينة ، وبات أمير المؤمنين على فراش رسول الله فاديا له بنفسه ، وأوحى الله إلى جبرائيل وميكائيل إني قد آخيت بينكما وجعلت عمر أحدكما أطول من الآخر ، فمن منكما يؤثر أخاه بالحياة ، فاختار كل واحد منهما الحياة لنفسه ، فقال : الله تعالى : ألا كنتما
[1] سورة التوبة ، الآية : 100 . [2] سورة الشعراء ، الآية : 214 .