الحسن ، وكانا قد استترا عند انتقال الدولة لولد العباس ، وقلق حين لم يظفر بها ، وقبض على أبيهما وإخوته وأودعهم أضيق السجون ، وعذبهم أشد العذاب ، ثم طلبهما أشد الطلب ، حتى اضطرهما إلى الخروج عليه ! خرج محمد بالمدينة وبايعه أهلها بالخلافة ، ولما بلغ المنصور خروجه هاله ذلك ، وترسل بكل حيلة لإقناعه ، وجرت بينهما مراسلات يحتج بها كل واحد على أنه أحق بالخلافة بفضل آبائه ، المتقربين إلى رسول الله ( ص ) . والتاريخ يحفظ تلك الرسائل وهي مبذولة لمن شاءها ، فقد ذكرها أبو جعفر الطبري في حوادث سنه 145 . ووجه اليه المنصور عيسى بن موسى بن علي بالعساكر وقتله . ثم تلاه بالخروج أخوه إبراهيم ، خرج بالبصرة وبويع له فيها بالخلافة وقوي أمره واستولى على الأهواز وفارس وواسط ، وتوجه نحو المنصور بالعساكر ، فوجه المنصور لحربه عيسى بن موسى فهزمهم إبراهيم حتى وصل أوائلهم الكوفة وبها المنصور ، فدعا بركابه وعوًّلَ على الفرار ، لكن المقادير شاءت له النصر ، فلم يلبث أن أتاه البشير بقتل إبراهيم وفرار جيشه ، فأنشد المنصور متمثلاً بيت البارقي : فألقت عصاها واستقربها النوى كما قرَّ عيناً بالإياب المسافرُ فما يكون حال ابن إسحاق بعدما سمعت ، وقد أخرج من المدينة وقدم بغداد لائذاً بظل المنصور مستميحاً عطفه وبره ؟ وما يكون حال السيرة التي أمره المنصور بتأليفها وإهدائها له وهو ذلك اليقظ الجبار ، فلو ذكر ابن إسحاق فيها حادثة نجران كما وقعت وأن الله سبحانه أمر