أقوى العرب منعةً وأعزهم داراً ؟ ! والعجب كيف تطوع لهذه المهمة نصارى اليمن دون نصارى الشام والحيرة ؟ ! إنني أجل الدكتور وأرفعه عن مثل هذا الرأي فإنه مهزلة . ومنها : أنه بعد أن ذكر هذا الوفد والمهمة التي قدم لأجلها طفحت قريحته ونأى به الخيال ، فراح يصور لنا الموقف ، قال : ( واجتمعت الأديان الثلاثة الكتابية بمجئ هذا الوفد وبجداله النبي ( ص ) وبقيام ملحمة كلامية عنيفة بين اليهودية والمسيحية والاسلام ) . ثم قال بعدها : ( أي مؤتمر أعظم من هذا المؤتمر الذي شهدته يثرب ، تلتقي فيه الأديان الثلاثة التي ما تزال حتى اليوم تتجاذب مصاير العالم ، وتلتقي فيه لأسمى فكرة وأجل غاية ) . هنيئاً للدكتور هذا البيان وهذا الأسلوب ، ولعمري إنه الغاية في الجمال والإبداع لو بني على أساس ! لكنه لم يلبث أن هدم ما بنى ومحا ما أثبته حين يقول : ( دعا محمد اليهود والنصارى إلى هذه الدعوة . . . وأن يلاعن النصارى ، فأما اليهود فكان بينه وبينهم عهد الموادعة ) . يقال له : إن الملاعنة التي أمر صلى الله عليه وآله بالدعوة إليها هي القول الفصل والحجة القاطعة ، فلو كان هناك مؤتمر كما ذكرت أو ملحمةٌ كلاميةٌ ، لوجب دعوة رجال ذلك المؤتمر وجند تلك الملحمة جميعاً إلى هذه الملاعنة !