فكيف يجوز دعوة النصارى إليها دون اليهود واليهود أحق بها ؟ فإنهم هم البلاء الذي كان يحيق بالمسلمين أول العهد بيثرب ، يفتنون ضعفاء المسلمين عن دينهم تارةً ، ويظاهرون المنافقين على رسول الله ( ص ) والمسلمين تارة ، وقد ذكر الدكتور في كتابه الشئ الكثير عنهم ، وفي الذكر الحكيم غنىً عن كل ذاكر ، يقول سبحانه : ( لتجدن أشد الناس عداوة للذين آمنوا اليهود والذين أشركوا ، ولتجدن أقربهم مودة للذين آمنوا الذين قالوا إنا نصارى . . . ) . أيجوز أيها المثقف في أحكام العقول أن يأمر سبحانه نبيه ( ص ) بدعوة بعض رجال ذلك المؤتمر الذي شهدته بزعمك يثرب إلى الملاعنة وفيها البوار والاستيصال ، ومنهم أولئك البعض هم أقرب الناس مودة له ، ويترك البعض الآخر وهم أشد الناس عداوة له ؟ ! أليس هلاك هؤلاء واستيصالهم أعود على المسلمين بالخير ، بل على البشرية جمعياً ؟ أليس في دعوة النصارى وترك اليهود ترويجٌ لدعوتهم وتقرير لصحة دينهم ، وإغراء لهم بالفساد والتضليل ؟ وما يمنعهم حينئذ أن يفتنوا ضعفاء المسلمين عن دينهم بقولهم لو يعلم محمد فساد ديننا لدعانا إلى الملاعنة كما دعى النصارى ، أو نحو هذا من القول ؟ ! فأين المؤتمر ، وأين الملحمة ، وأين اليهود . . ؟ ! ! وهذا لعمر الحق جليٌّ لمن أنصف . وهيهات أن يصلحه قولك : ( فأما اليهود فكان بينه وبينهم عهد الموادعة ) ، فقد علمت وعلم أهل الفضل أن