لا يوجب حنقاً ! لكن الدكتور رعاه الله يريد الظهور ببراعته في كل حادثة تاريخية بإخراج صورة لها لم يسبق إليها ، فهو مولعٌ بتجسيم الحوادث وتنميقها ، فربما استعان لذلك بما لا واقع له ولا حقيقة ! وهذا مأخذنا عليه ، فإن للحقائق قيمتها وشرفها ، فقد ترى الباحث الممحص يكتب صحائف عديدة لإثبات أن اللفظ الفلاني مرفوع الحرف الأول أو مخفوضه مثلاً . أما ما يصوره وينمقه مما لا يخل بالحوادث التاريخية فلا نناقشه فيه ، وإن كنا لا نرتضي بعضه ، ولو أردنا نقد ذلك لكتبنا أضعاف ما كتب ، مع الايمان بأنه مجلي هذه الحلبة ، وعقاب هذا الجو . . وإليك نموذجاً من تصويره ، مما لا يتفق هو والحقيقة فيه : قال بعد أن ذكر قلة المسلمين وكثرة عدوهم ، وبالغ في بطولة هذا العدو وانهزامه أمام قوة المسلمين المعنوية : ( والحق أن ظفر المسلمين في صبيحة يوم أحد كان معجزة من معجزات الحرب ) . ثم أطال في تصوير هذه المعجزة ! ونكتفي لإثبات ما ندعيه أن نذكِّره ونذكر القراء بوقعة بدر وما نال الفريقين منها ، فيظهر أن هناك خطأ في التصوير ، وضعفاً في التفكير : المسلمون في غزوة بدر خرجوا على غير استعداد للحرب ، وكان قصدهم اعتراض عير قريش وتجارتهم ، وكانوا من الفاقة وضعف الاستعداد على أسوأ حال ، وعدتهم ثلاث مائة وثلاثة عشر مقاتلاً ، يقودون فرساً واحداً أو اثنين ، ولما عرضوا على رسول الله ( ص ) قال : اللهم إنهم حفاةٌ فاحملهم ، وعراةٌ فاكسهم ، وجياعٌ فأشبعهم ، وعالةٌ فأغنهم من فضلك !