والعجب أن الدكتور ذكر من حالة الرماة صفحه 263 ما ينافي الوصف الذي وصفهم به ، وكأنه أراد رفع التنافي بين وصفه وما وقع منه ، بقوله : ( والمسلمون ما يزالون نسوا إيمانهم ونسوا الوطن ، ولم يبق أمامهم إلا هذه المغانم يعبُّون منها ) . أقول : كأن الدكتور على سعة فضله ورسوخه في الفلسفة قد نسي فضله وفلسفته حتى يقول ( نسوا إيمانهم ) ! ليث شعري كيف ينسى الإيمان ؟ ! أليس هو العلم واليقين الجازم ؟ ! أنؤمن بالله ورسوله حق الإيمان ، ثم ننسى إيماننا فنقتل النبي ( ص ) ونعمل من المعاصي ما يخرجنا إلى الكفر ؟ ! ! وأطرف من هذا ، أننا لا نؤاخذ ! إذ من الضرورة أن الناسي لا يؤاخذ بعمله ! أنؤمن بأن النار محرقة ، ثم ننسى إيماننا ونلقي أنفسنا فيها ؟ ! ! يعزُّ عليًّ أن ينسب إلى معالي الدكتور مثل هذا الرأي ويناقش فيه . وما الذي دفعه إلى الحكم بأن هذا العدد من المسلمين كلهم مؤمنون حقاً ، حتى اضطر عند فعلهم ما ينافي الإيمان الحق إلى القول بأنهم نسوا إيمانهم ، مع أن الله سبحانه أظهر له سريرتهم بأن منهم من يريد الدنيا ، أي الغنيمة والكسب ، وهي قصارى قصدهم ! فلما رأوها ميسورة أقبلوا عليها ، ولم يكن أمر الدين من همهم ! ! ومنهم من يريد الآخرة ، وهم المؤمنون حقاً .