شرفا بذلك يسر عاجله ويغبط آجله فإن قال قائل لعله صلى الله عليه وسلم إنما عنى بذلك أهل صقلية وابريطش وما الدليل على ما ادعيته من أنه صلى الله عليه وسلم عنى الأندلس حتما ومثل هذا من التأويل لا يتساهل فيه ذو ورع فالجواب أنه صلى الله عليه وسلم قد أوتي جوامع الكلم وفصل الخطاب وأمر بالبيان لما أوحي إليه وقد أخبر في ذلك الحديث المتصل سنده بالعدول عن العدول بطائفتين من أمته يركبون ثبج البحر غزاة واحدة بعد واحدة فسألته أم حرام أن يدعو ربه أن يجعلها منهم فأخبرها صلى الله عليه وسلم وخبره الحق أنها من الأولين وهذا من إعلام نبوته صلى الله عليه وسلم وهو إخباره بالشيء قبل كونه وصح البرهان على رسالته بذلك وكانت من الغزاة إلى قبرس وخرت عن بغلتها فتوفيت هناك وهي أول غزاة ركب فيها المسلمون البحر فثبت يقينا أن الغزاة غلى قبرس هم الأولون الذين بشر بهم صلى الله عليه وسلم وكان أم حرام منهم كما أخبر صلى الله عليه وسلم ولا سبيل أن يظن به وقد أوتي من البلاغة والبيان أن يذكر طائفتين قد سمى أحداهما أولي إلا والتالية لها ثانية فهذا من باب الإضافة وتركيب العدد وهذا مقتضى طبيعة صناعة المنطق إذ لا تكون الأولى أولى إلا لثانية ولا الثانية ثانية إلا لأولى فلا سبيل لذكر ثالث إلا بعد ثان ضرورة الخ كلامه وانظر بقيته في الرسالة المذكورة وهي مثبوتة في نفح الطيب أول المجلد الثاني وفي تاريخ الخميس للديار بكري لما تكلم على ما نقم الناس على سيدنا عثمان قال السادس زعموا أنه حمى البحر أن لا تخرج منه سفينة إلا في تجارته جوابه أما حمى البحر فعلى تقدير صحته يحمل