درهم ودانقان ، وشقّة من غزلها خام تساوي أربعة دراهم ، وقالت : ما يستحقّ عليَّ في مالي غير هذا ، فادفعه إلى مولاي . فقال : يا امرأة ! أستحيي من أبي عبد اللّه ( عليه السلام ) أن أحمل إليه درهماً ، وشقّة بطانة . فقالت : ألا تفعل ! ؟ إنّ اللّه لا يستحيي من الحقّ ، هذا الذي يستحقّ ، فإحمل يا فلان ! فلئن ألقى اللّه عزّ وجلّ وما له قبلي حقّ قلّ أم كثر أحبّ إليّ من أن ألقاه وفي رقبتي لجعفر بن محمّد حقّ . قال : فعوجت الدرهم ، وطرحته في كيس فيه أربعمائة درهم لرجل يعرف بخلف بن موسى اللؤلؤي ، وطرحت الشقّة في رزمة فيها ثلاثون ثوباً لأخوين بلخيّين يعرفان بابني نوح بن إسماعيل . وجاءت الشيعة بالجزء الذي فيه المسائل ، وكان سبعين ورقة ، وكلّ مسألة تحتها بياض ، وقد أخذوا كلّ ورقتين فحزموها بحزائم ثلاثة ، وختموا على كلّ حزام بخاتم ، وقالوا : تحمل هذا الجزء معك ، وتمضي إلى الإمام ، فتدفع الجزء إليه وتبيّته عنده ليلة ، وعد عليه وخذه منه ، فإن وجدت الخاتم بحاله لم يكسر ولم يتشعّب فاكسر منها ختمه وانظر الجواب ، فإن أجاب ولم يكسر الخواتيم فهو الإمام ، فادفعه إليه ، و إلاّ فردّ أموالنا علينا . قال أبو جعفر : فسرت حتّى وصلت إلى الكوفة ، وبدأت بزيارة أمير المؤمنين صلوات اللّه عليه ، ووجدت على باب المسجد شيخاً مسنّاً قد سقط حاجباه على عينيه من الكبر ، وقد تشنّج وجهه ، متّزراً ببرد ، متّشحاً بآخر ، وحوله جماعة يسألونه عن الحلال والحرام ، وهو يفتيهم على مذهب أمير المؤمنين ( عليه السلام ) ، فسألت من حضر عنده ؟ فقالوا : أبو حمزة الثمالي ، فسلّمت عليه ، وجلست إليه ، فسألني عن أمري ، فعرّفته الحال ، ففرح بي وجذبني إليه ، وقبّل بين عينيّ ، وقال : لو تجدب الدنيا ما وصل إلى هؤلاء حقوقهم ، و إنّك ستصل بحرمتهم إلى جوارهم ، فسررت بكلامه ، وكان ذلك أوّل فائدة لقيتها بالعراق ، وجلست معهم أتحدّث إذ فتح عينيه ، ونظر إلى البرّيّة وقال : هل ترون ما أرى ؟