عامله منها ، وأظهر فيها خلعه ، وأنبذ إليه على سواء إنّ الله لا يهدي كيد الخائنين . ثمّ سكت . فتكلّم كلّ من حضر مجلسه بمثل مقالته ، وكلّهم يقول : ابعث سليمان بن صرد ، وابعثنا معه ، ثمّ ألحقنا إذا علمت أنّا قد أشخصنا عامله ، وأظهرنا خلعه . فتكلّم الحسن ( عليه السلام ) ، فحمد الله ، ثمّ قال : أمّا بعد ، فإنّكم شيعتنا وأهل مودّتنا ومن نعرفه بالنّصيحة والصّحبة والاستقامة لنا ، وقد فهمت ما ذكرتم ولو كنت بالحزم في أمر الدّنيا وللدّنيا أعمل وأنصب ، ما كان معاوية بأبأس منّي بأساً ، وأشدّ شكيمة ، ولكان رأيي غير ما رأيتم ، ولكنّي أشهد الله وإيّاكم إنّي لم أرد بما رأيتم إلاّ حقن دمائكم ، وإصلاح ذات بينكم ، فاتّقوا الله وارضوا بقضاء الله ، وسلّموا لأمر الله ، والزموا بيوتكم ، وكفّوا أيديكم ، حتّى يستريح برّ ، أو يستراح من فاجر ، مع أنّ أبي كان يحدّثني إنّ معاوية سيلي الأمر ، فوالله لو سرنا إليه بالجبال والشّجر ، ما شككت أنّه سيظهر ، إنّ الله لا معقب لحكمه ، ولا رادّ لقضائه . وأما قولك : يا مذّل المؤمنين ، فوالله لأن تذلّوا وتعافوا أحبّ إليّ من أن تعزّوا وتقتلوا ، فإن ردّ الله علينا حقّنا في عافية قبلنا ، وسألنا الله العون على أمره ، وإن صرفه عنّا رضينا ، وسألنا الله أن يبارك في صرفه عنّا ، فليكن كلّ رجل منكم حلساً من أحلاس بيته ، ما دام معاوية حيّاً ، فإن يهلك ونحن وأنتم أحياء ، سألنا الله العزيمة على رشدنا ، والمعونة على أمرنا ، وأن لا يكلنا إلى أنفسنا ، فإنّ الله مع الّذين اتّقوا والّذين هم محسنون ( 1 ) .
1 - الإمامة والسياسة : 163 ، تفسير نور الثقلين 5 : 193 ح 31 مختصراً .