عليكم ورحمة الله وبركاته . قال : فاجتمعت العساكر إلى معاوية بن أبي سفيان ، وسار قاصداً إلى العراق وبلغ الحسن خبر مسيره ، وأنّه بلغ [ جسر ] منبج ، فتحرّك لذلك ، وبعث حجر بن عديّ يأمر العمّال والنّاس بالتهيّؤ للمسير ، ونادى المنادي : الصّلاة جامعة ، فأقبل النّاس يثوبون ويجتمعون ، فقال الحسن [ ( عليه السلام ) ] : إذا رضيت جماعة النّاس فاعلمني وجاء سعيد بن قيس الهمدانيّ ، فقال : اخرج ، فخرج الحسن ( عليه السلام ) فصعد المنبر ، فحمد الله وأثنى عليه ، ثمّ قال : أمّا بعد ، فإنّ الله كتب الجهاد على خلقه ، وسمّاه كرهاً ، ثمّ قال لأهل الجهاد من المؤمنين : ( وَاصْبِرُواْ إِنَّ اللهَ مَعَ الصَّابِرِينَ ) ( 1 ) ، فلستم أيّها النّاس نائلين ما تحبّون ، إلاّ بالصّبر على ما تكرهون ، إنّه بلغني أنّ معاوية بلغه أنّا كنّا أزمعنا على المسير إليه ، فتحرّك لذلك ، فأخرجوا - رحمكم الله - إلى معسكركم بالنّخيلة حتّى ننظر وتنظروا ونرى وتروا . قال : وإنّه في كلامه ليتخوّف خذلان النّاس إيّاه . قال : فسكتوا فما تكلّم منهم أحد ، ولا أجاب بحرف . فلمّا رأى ذلك عديّ بن حاتم قال : أنا ابن حاتم ، سبحان الله ، ما أقبح هذا المقام ؟ ألا تجيبون إمامكم ، وابن بنت نبيّكم ، أين خطباء مضر ؟ أين المسلمون ؟ أين الخوّاضون من أهل المصر الّذين ألسنتهم كالمخاريق في الدّعة ، فإذا جدّ الجِدّ فروّاغون كالثّعالب ، أما تخافون مقت الله ، ولا عيبها وعارها .