ثمّ استقبل الحسن بوجهه فقال : أصاب الله بك المراشد ، وجنّبك المكاره ، ووفّقك لما يحمد ورده وصدره ، فقد سمعنا مقالتك ، وانتهينا إلى أمرك ، وسمعنا منك ، وأطعناك فيما قلت وما رأيت ، وهذا وجهي إلى معسكري ، فمن أحبّ أن يوافيني فليوافِ . ثمّ مضى لوجهه ، فخرج من المسجد ودابّته بالباب ، فركبها ومضى إلى النّخيلة ، وأمر غلامه أن يلحقه بما يصلحه ، وكان عديّ أوّل النّاس عسكراً . ثمّ قام قيس بن سعد بن عبادة الأنصاريّ ومعقل بن قيس الرّياحيّ ، وزياد بن صعصعة التيميّ فأنّبوا النّاس ولاموهم وحرّضوهم ، وكلّموا الحسن بمثل كلام عديّ ابن حاتم في الإجابة والقبول . فقال لهم الحسن ، صدقتم - رحمكم الله - ما زلت أعرفكم بصدق النّيّة ، والوفاء بالقول والمودّة الصحيحة ، فجزاكم الله خيراً ثمّ نزل وخرج النّاس ، فعسكروا ، ونشطوا للخروج ، وخرج الحسن إلى معسكره ، واستخلف على الكوفة المغيرة بن نوفل بن الحارث بن عبد المطّلب ، وأمره باستحثاث النّاس وإشخاصهم إليه ، فجعل يستحثّهم ويخرجهم ، حتّى التأم العسكر ( 1 ) . توبيخه لأهل الكوفة [ 109 ] - 29 - قال الرّاونديّ : روى [ عن ] الحارث الهمدانيّ قال : لمّا مات عليّ ( عليه السلام ) ، جاء النّاس إلى الحسن بن عليّ ( عليهما السلام ) فقالوا له : أنت خليفة أبيك ، ووصيّه ، ونحن السّامعون المطيعون لك ، فمرنا
1 - مقاتل الطالبيين : 59 ، شرح ابن أبي الحديد 16 : 36 ، بحار الأنوار 44 : 50 ح 5 .