فسمع رسول الله ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) صوت بلال فقال : اُدخل يا بلال إنّ رسول الله ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) اليوم مشغول بنفسه ، مُر أبا بكر يصلي بالناس ، فخرج ويده على أم رأسه وهو يقول : وا غوثاه . . . ثمّ قال : يا أبا بكر إنّ رسول الله ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) أمرك أن تصلي بالناس ، فتقدم أبو بكر فصلّى بالناس ، وكان رجلاً رقيقاً ، فلمّا رأى خلو المكان من رسول الله ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) خرّ مغشياً عليه وصاح المسلمون بالبكاء ، فسمع رسول الله ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) ضجيج الناس فقال : ما هذه الضجة ؟ قالوا : ضجيج المسلمين لفقدك يا رسول الله ، فدعا رسول الله عليّ بن أبي طالب وابن عباس فاتكأ عليهما ، فخرج إلى المسجد فصلّى بالناس ركعتين خفيفتين . . . » [1] . فأين صارت صلاة أبي بكر بالناس وائتمام النبيّ ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) به في ركعة ؟ والجواب عند من أتى بغشية أبي بكر ، ولكنه ضاع وسط ضجيج الناس المفتعل . 7 - وعلى فرض الخِفّة والغشية يبقى الحديث يحمل أكثر من إشارة وإثارة بأنّه لم يكن ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) قد أمر أبا بكر ، وهذا ما تنبّه له ابن الإسكافي في كتابه المعيار والموازنة فقال : « متى نظرنا إلى آخر الحديث احتجنا إلى أن نطلب للحديث مَخرجا عن النقص والتقصير ، وذلك إنّ آخره : أنّ رسول الله ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) لمّا وجد إفاقة وأحسّ بقوّة خرج حتى أتى المسجد وتقدم فنحّى أبا بكر عن مقامه وقام في موضعه ، فلو كانت إمامة أبي بكر بأمره ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) لتركه على إمامته وصلّى خلفه ، كما صلّى خلف عبد الرحمن بن عوف » [2] .
[1] رواه الهيثمي في مجمع الزوائد 9 / 28 وقال رواه الطبراني وفيه عبد المنعم بن إدريس وهو كذّاب . [2] المعيار والموازنة / 41 - 42 ط الأولى .