وليعلم القارئ أنّه لم يكن ابن عباس وحده يرفض ذلك فعن أم سلمة ورد مثل ذلك كما مرّ [1] وعن عمر ما يؤيده أيضاً [2] . أيّهما الشفيق الرفيق النبيّ ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) أم عمر ؟ لقد مرّت بنا كلمة عمر - مراراً - « فمنعت من ذلك اشفاقاً وحيطة على الإسلام » ؟ كما مرّ في أقوال علماء التبرير انّ ذلك اشفاقاً منه على النبيّ ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) ومرت كلمته الأخرى : « أراد أن يذكره للأمر في مرضه فصددت عنه خوفاً من الفتنة » ، وليس فيها من الشفقة شيء ، وقد استوجب ذلك علينا أن نعمل الموازنة في الشفقة على المسلمين والرفق بهم بين الرسول الكريم الأمين ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) ، وبين عمر . وإنّها من سخرية القدر وإحدى الكبر ، ولكن فرضها علينا أبناء عمر ورددها الببغائيون فلا ضير و لا جير في ذلك : فالرسول الكريم ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) الّذي وصفه الله تعالى بقوله : * ( وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ ) * [3] ، وقال فيه تعالى مخاطباً المؤمنين : * ( لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤوفٌ رَحِيمٌ ) * [4] ، فهل بعد هذا من مجال للقول ؟ أم هل يكون من المقبول والمعقول أن لا يكون شفيقاً رفيقاً بالمؤمنين ويكون عمر هو الشفيق الرفيق فيحتاط على الإسلام ويخاف الفتنة ؟ !