ابن عبد الله بن أبي سَبرة ، عن يونس بن يوسف ، عن سعيد بن المسيّب ، وحدّثني عمر ابن عُقبة ، عن شعبة ، عن ابن عبّاس ، زاد بعضهم على بعض ، قالوا : لمّا فتح رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) خيبر واطمأنّ جعلت زينب بنت الحارث أخي مرحب ، وهي امرأة سلاّم بن مِشكَم ، تسأل : أيّ الشّاة أحبّ إلى محمّد ؟ فيقولون : الذّراع ! فعمدت إلى عنز لها فذبحتها وصلّتها ثمّ عمدت إلى سمّ لا يُطني ، وقد شاورت يهود في سموم ، فاجمعوا لها على هذا السمّ بعينه ، فسمّت الشّاة وأكثرت في الذّراعين والكتف ، فلمّا غابت الشّمس وصلّى رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) المغرب بالنّاس أنصرف وهي جالسة عند رجليه ، فسأل عنها فقالت : يا أبا القاسم هديّة أهديتها لك ، فأمر بها النّبيّ ( صلى الله عليه وآله ) فاُخذت منها فوُضعت بين يديه وأصحابه حُضور أو من حضر منهم ، وفيهم بشر بن البراء بن معرور ، فقال رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ادنوا فتعشّوا ! وتناول رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ، الذّراع فانتهش منها ، وتناول بشر بن البراء عظماً آخر فانتهش منه فلمّا ازدرد رسول ( صلى الله عليه وآله ) لُقمَتَه ازدرد بشر ابن البراء ما في فيه واكل القوم منها ، فقال رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) : " إرفعوا أيديكم فإنّ هذه الذّراع - وقال بعضهم : فإنّ كتف الشّاة - تُخبرني أنّها مسمومة ! " فقال بشر : و الّذي أكرمك لقد وجدت ذلك من اُكلتي الّتي أكلت حين التقمتها فما منعني أن ألفظها إلاّ أنّي كرهت أن اُبغض إليك طعامك ، فلمّا أكلت ما في فيك لم أرغب بنفسي عن نفسك ورجوت أن لا تكون ازدردتها وفيها بغى ! فلم يقم بشر من مكانه حتّى عاد لونه كالطّيلسان وماطله وجعه سنةً لا يتحوّل إلاّ ما حُوّل ثمّ مات . وقال بعضهم : فلم يرِم بشر من مكانه حتّى توفّى ، قال : وطُرح منها لكلب فأكل فلم يتبع يده حتّى مات ، فدعا رسول الله زينب بنت الحارث ، فقال : " ما حملك على ما صنعت ؟ " فقالت : نلتَ من قومي ما نلت ! قتلت أبي وعمّى وزوجي فقلت إن كان نبيّاً فستخبره الذّراع ، وقال بعضهم وان كان ملكاً استرحنا منه ورجعت اليهوديّة كما كانت ، قال : فدفعها رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) إلى وُلاة بشر بن البراء فقتلوها ، وهو الثبت ، واحتجم رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) على كاهله من أجل الّذي أكل ، حجمه أبو هند بالقرن والشّفرة ، وأمر رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) أصحابه فاحتجموا أوساط رؤوسهم وعاش رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) بعد ذلك