يخلف نبيّكم فيكم إلاّ بنتاً واحدةً ، تموت وتدفن ولم تحضروا وفاتها ولا دفنها ولا الصّلاة عليها ! بل ولم تعرفوا قبرها ! فقال ولاة الأمر منهم : هاتوا من نساء المسلمين من ينبش هذه القبور حتّى نجدها فنصلّي عليها ونزور قبرها . فبلغ ذلك أمير المؤمنين ( عليه السلام ) فخرج مغضباً قد احمرّت عيناه ، ودرّت أوداجه ، و عليه قَباؤه الأصفر الّذي كان يلبسه في كلّ كريهة ، وهو يتوكّأ على سيفه ذي الفقار ، حتّى ورد البقيع ، فسار إلى النّاس مَن أنذرهم ، وقال : هذا عليّ بن أبي طالب قد أقبل كما ترونه ، يقسم بالله لئن حوّل من هذه القبور حجر ليضعنّ السّيف في رقاب الآمرين . فتلقّاه عمر ومن معه من أصحابه ، وقال له : مالك يا أبا الحسن ، والله لننبشنّ قبرها ولنصلّين عليها . فضرب عليّ ( عليه السلام ) بيده إلى جوامع ثوبه فهزّه ثمّ ضرب به الأرض ، وقال له : يا بن السّوداء ، أمّا حقّي فقد تركته مخافة أن يرتدّ النّاس عن دينهم ، وأمّا قبر فاطمة فوالّذي نفس عليّ بيده لئن رُمت وأصحابك شيئاً من ذلك لأسقينّ الأرض من دمائكم فإن شئت فأعرض يا عمر . فتلقّاه أبو بكر فقال : يا أبا الحسن ، بحقّ رسول الله وبحقّ من فوق العرش إلاّ خلّيت عنه ، فإنّا غير فاعلين شيئاً تكرهه . قال : فخلّى عنه وتفرّق النّاس ولم يعودوا إلى ذلك . ( 1 ) [ 397 ] - 4 - قال الطّبريّ أيضاً : أخبرني أبو الحسين محمّد بن هارون بن موسى ، قال : حدّثنا أبي رضى الله عنه قال : أخبرني أبو جعفر محمّد بن الحسن بن أحمد بن الوليد ، قال : حدّثنا محمّد بن أحمد بن أبي عبد الله البرقيّ ، قال : حدّثني زكريّا بن آدم ، قال : انّى لعند الرّضا ( عليه السلام )
1 . دلائل الإمامة : 136 ضمن ح 43 ، وروى مضمونه في علل الشرائع 185 ، ومضى تمام الحديث في " المأساة " وبعضه في " تجهيزها " ، البحار 43 : 171 ضمن ح 11 عن دلائل الإمامة .