الصَّالِحِينَ ) [1] وقد أعطى هذه المنزلة لرسوله محمّد ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) في الدنيا ، وأخبر عنه : ( إِنَّ وَلِيِّيَ اللَّهُ الَّذِي نَزَّلَ الْكِتَابَ وَهُوَ يَتَوَلَّى الصَّالِحِينَ ) [2] . وقد قام الرسول بأعباء النبوّة خير قيام ، فأدّى إلى العباد ما أمر به ، ما فرّط في ذلك ، بلّغ صغائر الأمور وكبارها ، حتّى إذا آن ارتحاله ، أمره الله وأكّد عليه أن يبيّن لهم ملاك الأمر ، وما به يقوم عمود الدين ، ويعصمه من خلاف المخالفين ، فنهض لذلك وقال آخذاً بيد عليّ ( عليه السلام ) والملأ أمامه : « من كنت مولاه فهذا عليّ مولاه ؛ اللّهمّ ! وال من والاه ، وعاد من عاداه ، وانصر من نصره ، واخذل من خذله » ولم يكن ذلك مجرّد إعلان ؛ بل أخذ بيعة له في أعناقهم له ولذرّيّته من بعده ، وعيّن لهم ما قال سبحانه : ( وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ ) [3] . والصلاة والسلام على الأطيبين الأطهرين من آله ، الذين جعل الله مودّتهم أجر النبوّة ، والاقتداء بهم ، والأخذ عنهم كمال الدين وتمام النعمة ، وبالأخذ عنهم رضي الإسلام للناس ديناً ، والذين قاموا لإقامة الدين خير قيام ، فجاهدوا في الله حقّ جهاده ، وعملوا بكتابه ، وبسنّة نبيّه ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) ، أذاقهم الله محبّته ، فخلّوا عن جميع النزغات ، حتّى بلغوا نكران الذّات ، وكانوا يقولون : « اجعل لساني بذكرك لهجاً ، وقلبي بحبّك متيّما » ، وقد فعل الله بهم ذلك ، بحيث قال رائدهم الأكبر ، الآية الكبرى ، والنبأ العظيم ، أمير المؤمنين عليّ ( عليه السلام ) مناجياً ربّه : « إلهي لو فرّقت بيني وبين أحبّائك ،