اشهدوا أنّه حرّ لوجه اللّه . فكتب عبيد اللّه بن يحيى بالخبر ، فخرج التوقيع أن يقيّد بخمسين رطلاً ويغلّ بخمسين ويوضع في أضيق الحبوس . قال : فوجّهت بأولادي وجميع أسبابي إلى أصدقائي وإخواني يعرّفونهم الخبر ، ويسألونهم السعي في خلاصي ، وكتبت بعد ذلك بخبري إلى أبي الحسن ( عليه السلام ) . فوقّع إلىّ : لا واللّه ! لا يكون الفرج حتّى تعلم أنّ الأمر للّه وحده . قال : فأرسلت إلى جميع من كنت راسلته وسألته السعي في أمري ، أسأله أن لا يتكلّم ولا يسعى في أمري ، وأمرت أسبابي ألاّ يعرفوا خبري ، ولا يسيروا إلى زاير منهم . فلمّا كان بعد تسعة أيّام فتحت الأبواب عنّي ليلاً ، فحملت فأُخرجت بقيودي ، فأُدخلت إلى عبيد اللّه بن يحيى فقال لي وهو مستبشر : وردّ عليّ الساعة توقيع أمير المؤمنين يأمرني بتخلية سبيلك . فقلت له : إنّي لا أُحبّ أن يحلّ قيودي حتّى تكتب إليه تسأله عن السبب في إطلاقي . فاغتاظ عليّ واستشاط [1] غضباً وأمرني فنحّيت من يديه . فلمّا أصبح ركب إليه ثمّ عاد فأحضرني وأعلمني أنّه رأى في المنام كأنّ آتياً أتاه وبيده سكّين ، فقال له : لئن لم تخل سبيل فلان بن فلان لأذبحنّك . وإنّه انتبه فزعاً فقرأ وتعوّذ ونام ، فأتاه الآتي فقال له : أليس أمرتك بتخلية سبيل فلان ، لئن لم تخل سبيله الليلة لأذبحنّك .
[1] إستشاط : أي احتدم كأنّه التهب في غضبه . لسان العرب : 7 / 339 ( شيط ) .