زوجها ليدافع عن الإمام ، وهن لم يحلفن بما يصيبهن من الثكل والحداد . ومما يثير الدهشة ان الأطفال من الأسرة النبوية أيضا قد اندفعوا نحو الإمام وهم يقبلون يديه ورجليه ليمنحهم الإذن في الشهادة بين يديه ، ومن بينهم عبد الله بن الحسن وكان له من العمر إحدى عشر سنة ، لما رأى الأعداء قد اجتمعوا على قتل عمه - الحسين - فلم يستطع صبرا ، وأسرع فاندفعت عمته زينب لتسكه فامتنع عليها ، وأخذ يركض حتى انتهى إلى عمه ، وقد أهوى أبحر بن كعب بسيفه ليضرب الإمام فصاح به الغلام : يا ابن الخبيثة أتضرب عمي ؟ فانعطف عليه الخبيث الدنس فضربه بالسيف على يده فأطنها إلى الجلد فإذا هي معلقة ، ورمى الغلام بنفسه في حجر عمه - وهو يقول للحسين : عماه لقد قطعوا يدي . فاحتضنه الحسين ودمعت له عيناه ، وهمس في اذنه : يا بني صبرا فإنك عن قليل ترد على جدك وأبيك . فسدد له حرملة سهما غادرا فذبحه وهو في حجر عمه لقد استلذ الموت في سبيل عمه . . . وكثير من أمثال هذه الصور الرائعة التي لم تمر على شاشة الدهر قد ظهرت من أصحاب الحسين وأهل بيته ( 1 ) . يقول المؤرخ الانكليزي " پرس سايكس " : " إن الإمام الحسين وعصبته المؤمنة القليلة عزموا على الكفاح حتى الموت ، وقاتلوا ببطولة وبسالة ظلت تتحدى اعجابنا وإكبارنا عبر القرون حتى يومنا هذا " ( 2 ) . ويقول العقاد في بسالتهم : " وكان مع الحسين نخبة من فرسان العرب كلهم لهم شهرة بالشجاعة والبأس ، وسداد الرمي بالسهم ، ومضاء الضرب بالسيف ، ولن تكون صحبة الحسين غير ذلك بداهة وتقديرا ، لا يتوقفان على الشهرة الذائعة والوصف المتواتر لأن مزاملة الحسين في تلك الرحلة هي وحدها آية على الشجاعة في ملاقاة الموت " . ويقول أحد علماء مصر : إن الجيش الذي تولى محاربة الحسين وقتله لهو أقسى قلوب
1 - حياة الإمام الحسين ( عليه السلام ) / ج 3 ص 146 . 2 - كتاب تاريخ إيران / تأليف پرس سايكس .