responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : من أخلاق الإمام الحسين ( ع ) نویسنده : عبد العظيم المهتدي البحراني    جلد : 1  صفحه : 266


توجد عوامل إيمانية كثيرة في ذلك ، والجامع المشترك بينها هو الأخلاق الكريمة التي عرف بها الحسين ( عليه السلام ) في التاريخ كما قلنا .
وفي ذلك كتب العلامة باقر شريف القرشي عن ذلك قائلا : لقد غذاهم أبو عبد الله ( عليه السلام ) بروحه وهديه ، وغمرهم بأخلاقه فابتعدت أرواحهم عن الدنيا وتجردوا من مادية الجسد ، وتحررت قلوبهم وعواطفهم من شواغل الحياة . . فأي معلم كان الحسين ؟ وأي مدرسة ملهمة كانت مدرسته ؟ وهل تستطيع أجيال الدنيا أن توجد مثل هذا الطراز إيمانا بالله ، وإخلاصا للحق . . . وقد تفانى أصحاب الإمام في الولاء والإخلاص له ، وضربوا بذلك أروع الأمثلة للوفاء ، فهذا مسلم بن عوسجة ، وهو من أفذاذ أنصار الإمام لما برز إلى القتال ، ووقع صريعا على الأرض قد تناهبت السيوف والرماح جسمه ، مشى إليه الإمام مع حبيب بن مظاهر وكان البطل يعاني آلام الاحتضار ، فطلب منه حبيب أن يوصي إليه بما أهمه ، فقال له بصوت خافت حزين النبرات : " أوصيك بهذا - وأشار إلى الإمام - أن تموت دونه " .
أي وفاء هو معرض للزهو والفخار مثل هذا الوفاء ؟
لقد أعطى لأجيال الدنيا الدروس في الولاء الباهر للحق ، فهو في لحظاته الأخيرة ، وحشرجة الموت في صدره لم يفكر إلا بالإمام ، وأعرض عن كل شئ في حياته .
وهذا البطل العظيم سويد بن أبي المطاع الذي هو من أنبل الشهداء وأصدقهم في التضحية هوى جريحا في المعركة فتركه الأعداء ، ولم يجهزوا عليه لظنهم انه قد مات ، فلما تنادوا بمصرع الإمام لم يستطع أن يسكن لينجو ، فقام والتمس سيفه فإذا هو قد سلبوه ، ونظر إلى شئ يجاهد به فوقعت يده على مدية ( 1 ) ، فأخذ يوسع القوم طعنا فذعروا منه ، وحسبوا أن الموتى أعيدت لهم حياتهم ليستأنفوا الجهاد ثانيا مع الإمام ، فلما تبين لهم أن الأمر ليس كذلك ، انعطفوا عليه فقتلوه ، فكان - حقا - هذا هو الوفاء في أصحاب الإمام حتى الرمق الأخير من حياتهم .
ولم يقتصر هذا الوفاء على الرجال ، وإنما سرى إلى النساء اللاتي كن في المعركة ، فكانت المرأة تسارع إلى ابنها تتضرع إليه ليستشهد بين يدي الإمام ، والزوجة تسارع إلى


1 - المدية : سكينة كالخنجر .

266

نام کتاب : من أخلاق الإمام الحسين ( ع ) نویسنده : عبد العظيم المهتدي البحراني    جلد : 1  صفحه : 266
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست