فجاءت إلى بعلها ، وقالت : رأيت كذا وكذا فأي شئ تحت الإجانة ؟ فقال : رأس خارجي قتله الأمير عبيد الله بن زياد وأريد أن أذهب به إلى يزيد بن معاوية ليعطيني عليه مالا كثيرا . قالت : ومن هو ؟ قال : الحسين بن علي ( عليه السلام ) . فصاحت ، وخرت مغشية عليها ، فلما أفاقت ، قالت : يا ويلك يا شر المجوس ! لقد آذيت محمدا في عترته ، أما خفت من إله الأرض والسماء ، حيث تطلب الجائزة على رأس ابن سيدة نساء العالمين . ثم خرجت من عنده باكية ، فلما قامت رفعت الرأس وقبلته ، ووضعته في حجرها ، وجعلت تقبله ، وتقول : لعن الله قاتلك وخصمه جدك المصطفى . فلما جن الليل غلب عليها النوم ، فرأت كأن البيت قد انشق بنصفين ، وغشيه نور ، فجاءت سحابة بيضاء ، فخرج منها امرأتان ، فأخذتا الرأس من حجرها وبكتا . قالت : فقلت لهما : بالله من أنتما ؟ قالت إحداهما : أنا خديجة بنت خويلد ، وهذه ابنتي فاطمة الزهراء ، ولقد شكرناك وشكر الله لك عملك ، وأنت رفيقتنا في درجة القدس في الجنة . قال - الراوي - : فانتبهت من النوم والرأس في حجرها ، فلما أصبح الصبح جاء بعلها لأخذ الرأس ، فلم تدفعه إليه وقالت : ويلك طلقني ، فوالله لا جمعني وإياك بيت . فقال : إدفعي لي الرأس ، وافعلي ما شئت . فقالت : لا والله لا أدفعه إليك فقتلها ، وأخذ الرأس فعجل الله بروحها إلى الجنة جوار سيدة النساء . ( 1 ) ما الذي يا ترى قد جعل هذه المرأة بهذا المستوى على استعداد لتدفع ثمن موقفها في مناصرة الحق ؟
1 - مدينة المعاجز 4 : 124 حديث 185 ، مقتل الحسين ومصرع أهل بيته : 168 ، الدمعة الساكبة 5 : 52 و فيهما إلى قوله : " تسبيح الملائكة " .