الخبيثة بسيفه ، وكانت السهام تأخذه يمينا وشمالا ، وهو يتقيها بصدره ونحره ، ومن بين تلك السهام التي فتكت به : 1 - سهم أصاب فمه الطاهر ، فتفجر دمه الشريف فوضع يده تحت الجرح فلما امتلأت دما رفعه إلى السماء وجعل يخاطب الله تعالى قائلا : " اللهم ان هذا فيك قليل " . 2 - سهم أصاب جبهته الشريفة المشرقة بنور النبوة والإمامة ، رماه به أبو الحتوف الجعفي فانتزعه ، وقد تفجر دمه الشريف ، فرفع يديه بالدعاء على السفكة المجرمين قائلا : " اللهم انك ترى ما أنا فيه من عبادك العصاة ، اللهم أحصهم عددا واقتلهم بددا ، ولا تذر على وجه الأرض منهم أحدا ، ولا تغفر لهم أبدا " . وصاح بالجيش : " يا أمة السوء بئسما خلفتم محمدا في عترته ، أما انكم لا تقتلون رجلا بعدي فتهابون قتله بل يهون عليكم ذلك عند قتلكم إياي ، وأيم الله إني لأرجو أن يكرمني الله بالشهادة ، ثم ينتقم لي منكم من حيث لا تشعرون . . " . حتى ذكر أحد القتلة انه لما سقط الحسين ( عليه السلام ) ونالته السهام والسيوف والرماح ما نالته ، كنت واقفا نحو الحسين وهو يجود بنفسه ، فوالله ما رأيت قتيلا قط مضمخا بدمه أحسن منه وجها ولا أنور ! ولقد شغلني نور وجهه عن الفكرة في قتله ( 1 ) . ولما اشتد به الحال ، رفع طرفه إلى السماء وقال : " اللهم متعالي المكان ، عظيم الجبروت ، شديد المحال ، غني عن الخلائق ، عريض الكبرياء ، قادر على ما تشاء ، قريب الرحمة ، صادق الوعد ، سابق النعمة ، حسن البلاء ، قريب إذا دعيت ، محيط بما خلقت ، قابل التوبة لمن تاب إليك ، قادر على ما أردت ، ومدرك ما طلبت ، شكور إذا شكرت ، ذكور إذا ذكرت . . أدعوك محتاجا ، وأرغب إليك فقيرا ، وأفزع إليك خائفا ، وأبكي إليك مكروبا ، وأستعين بك ضعيفا ، وأتوكل عليك كافيا . اللهم احكم بيننا وبين قومنا فإنهم غرونا وخذلونا ، وغدروا بنا وقتلونا ، ونحن عترة نبيك ، وولد حبيبك محمد صلى الله عليه وآله الذي اصطفيته بالرسالة ، وائتمنته على الوحي ، فاجعل لنا من أمرنا فرجا ومخرجا يا أرحم الراحمين ( 2 ) .