علي بن ميثم رحمه الله على الحسن بن سهل ( الوزير ) وإلى جانبه مُلْحِدٌ قد عظَّمَهُ والناس حوله ، فقال : لقد رأيت ببابك عجباً ! قال : وما هو ؟ قال : رأيت سفينة تَعْبُرُ بالناس من جانب إلى جانب بلا ملاح ، ولا ماصِر ( مسؤول حركة السفن ) ! قال فقال له صاحبه الملحد وكان بحضرته : إن هذا أصلحك الله لَمَجنون ! قال فقلت : وكيف ذاك ؟ قال : خشبٌ جمادٌ لا حيلة له ولا قوة ولا حياة فيه ولا عمل كيف يَعْبُرُ بالناس ؟ قال فقال أبو الحسن : فأيهما أعجب ؟ هذا أو هذا الماء الذي يجري على وجه الأرض يَمْنَةً ويَسْرةً بلا روح ولا حيلة ولا قوى ، وهذا النبات الذي يخرج من الأرض ، والمطر الذي ينزل من السماء ، تزعم أنت أنه لا مدبر لهذا كله وتنكر أن تكون سفينة تتحرك بلا مدبر وتعبر بالناس ! قال : فبهت الملحد ) ! وكنز الفوائد / 131 . هل يتعمد الملحد الانحراف عن الفطرة ؟ نعم ، الملحد يتعمد معاكسة عقله وفطرته ، لأن غاية ما يمكن للإنسان أن يدعيه هو الشك في وجود خالق للكون ، فيقول إنه لا يدري هل لهذا الكون خالق أم لا ؟ أما أن ينفي وجود الخالق عز وجل ويقول ( لا يوجد إله خالق ) ! فذلك يتوقف على أن يكون محيطاً بالكون المنظور وغير المنظور ، حتى يستطيع أن ينفي !