وأجاب المصطفى دعوتهم ، فجاء إلى حيث أخذوا مجالسهم بظهير الكعبة ، وهو يرجو أن يكونوا قد تابوا إلى رشدهم ، وكان حريصا على هداهم يعز عليه عنتهم وضلالهم . قالوا : يا محمد ، إنا قد بعثنا إليك لنكلمك ، وإنا ولله ما نعلم رجلا من العرب أدخل على قومه ما أدخلت على قومك : لقد شتمت الآباء وعيبت الدين وشتمت الآلهة وسفهت الأحلام وفرقت الجماعة ، فما بقي أمر قبيح إلا جئته فيما بيننا وبينك . ومضوا في الحديث فعرضوا عليه ما سبق أن عرضه وافدهم إليه ( عتبة بن ربيعة ) من مال وسيادة وملك وطب . ورد المصطفى : ( ما بي ما تقولون ، ما جئت بما جئتكم به أطلب أموالكم ولا الشرف فيكم ولا الملك عليكم . ولكن الله بعثني إليكم رسولا وأنزل علي كتابا وأمرني ان أكون لكم بشيرا ونذيرا ، فبلغتكم رسالات ربي ونصحت لكم . فإن تقبلوا مني ما جئتكم به فهو حظكم في الدنيا والآخرة ، وإن تردوه علي أصبر لأمر الله حتى يحكم الله بيني وبينكم . ) قالوا مقترحين ، يريدون إعناته : - يا محمد فإن كنت غير قابل منا شيئا مما عرضناه عليك ، فإنك قد علمت أن ليس من الناس أحد أضيق بلدا ولا أقل ماء ولا أشد عيشا منا ، فسل لنا ربك الذي بعثك بما بعثك به ، فليسير عنا هذه الجبال التي قد ضيقت علينا ، وليبسط لنا بلادنا ، وليفجر لنا فيها أنهارا