قالوا جميعا : سحرك والله يا أبا الوليد بلسانه . ورد عليهم : هذا رأيي فيه فاصنعوا ما بدا لكم . وبقي عتبة ، مع ذلك ، على دينهم ودين آبائهم . . أسلم النهار أنفاسه مرهقا مكدودا كأنه يتعجل الليل ليسدل ستارا من ظلامه على المشهد الفاجع للمؤمنين المستضعفين من موالي قريش ، وقد شدتهم بوثاق إلى جمر الصخور الملتهبة في لظى الرمضاء ، لعلهم يرتدون عن دين محمد ، عليه الصلاة والسلام . وبدا لقريش ، وقد غربت الشمس ، أن تدعو محمدا إلى مجلس زعمائها مجتمعين ، لعله يلين . لقد فشلت المفاوضات مع عمه أبي طالب فلم يكفه عنهم ولم يسلمه إليهم . وفشلت كذلك المساومة التي عرضها عليه أبو الوليد عتبة بن ربيعة . وبقي أن يجربوا مواجهته لرؤسائهم مجتمعين ، فيخاصموه حتى يعذروا فيه . وحشدوا له فئة منهم ، أعلاهم في قومهم كلمة وألدهم في الجدل والخصومة . فيهم : عتبة وشيبة ابنا ربيعة ، وأبو سفيان بن حرب ، والوليد بن المغيرة ، والنضر بن الحارث بن كلدة ، وأبو البختري بن هشام ، وأبو الحكم ، أبو جهل بن هشام ، والعاص بن وائل ، وأمية ابن خلف . .