ومنابر من العاج والآبنس . وكتب إلى مولاه نجاشي الحبشة : إني قد بنيت لك أيها الملك كنيسة لم يبن مثلها لمليك كان قبلك . ولست نمنته حتى أصرف إليها حج العرب ) [1] . وإذ رأى أمير مكة ( عبد المطلب بن هاشم ) ألا قبل لأهلها بالجيش الزاحف ، رأى أن يتحرز بهم في شعف الجبال والشعاب تخوفا من معرة الجيش الذي جاء به ( أبرهة ) من اليمن . وشق على ( آمنة ) أن تضع وليدها بعيدا عن الحرم المكي ، وفي غير دار أبيه عبد الله بن عبد المطلب . ولاذت بإيمانها بأن الله مانع بيته ، فليس لطاغية الأحباش إليه من سبيل . فقر عزمها على ألا تبرح مكانها في جوار الحرم ، إلى أن يقضي الله أمره . وفيما كانت تحسب حسابا لما يتوقع من مجرى الاحداث ، جاءتها البشرى أن الله سلط على الغزاة أصحاب الفيل نقمته ، فانتشر فيهم وباء غريب حاصد ، رمتهم بجراثيمه المهلكة طير أبابيل ( فتركهم كعصف مأكول ) . ولم تكن أرض العرب قد شهدت وباء الحصبة والجدري قبل ذلك العام المشهود ، فيما روى ( ابن هشام ) في السيرة النبوية عن ( ابن إسحاق ) . ( وقد ولى الأحباش مذعورين يتساقطون بكل طريق ويهلكون بكل مهلك . وأبرهة معهم ينتثر جسمه وتسقط أنامله أنملة أنملة ) [2] .