يملا صفحات المرحلة ما بين مولده ومبعثه . الليلة من بدئها كانت مقمرة واعدة . ينيرها قمر أوشك أن يكتمل بدرا وتؤنسها أطياف ورؤى ، ظلت تتجلى لآمنة بنت وهب ، طوال شهور حملها ، فتعينها على احتمال تجربة المخاض . فمنذ حملت بهذا الجنين ، وهي لا تكف عن التفكير فيما كان من أمرها وأمره ، بعد أن مات أبوه ( عبد الله بن عبد المطلب بن هاشم ) في طريق أوبته إليها من رحلة صيف إلى بلاد الشام . ولم يكن حين ودعها ، قبل بضعة أشهر ، يتوجس خيفة من عائق يطيل أمد غيابه في رحلته ، عن ميعادها الموقوت . ولا كانت ( آمنة ) في هواجس وحشتها لفراقه ، تتوقع أمرا يحبسه عنها بعد انتهاء الرحلة . في عنفوان قوته وفتوة شبابه ونضرة حيويته ، مضى مع قافلة قريش إلى الشام . ومكة ما تزال تتجاوب بأصداء الاحتفال المشهود بعرسه ، وتجتر مشاهد القصة المثيرة لافتدائه من الذبح قربانا لرب الكعبة ، وفاء بنذر أبيه عبد المطلب . كان عبد المطلب منذ ولي شرف السقاية لوفود الحجيج إلى البيت العتيق ، يشغله هم التفكير فيما يتجشم ويتجشمون في الموسم ،