من شح الماء في الوادي الأجرد غير ذي الزرع . وذكر بئر زمزم التي أنقذت جده ( إسماعيل بن إبراهيم الخليل ) من الهلاك ظمأ ، وجذبت إلى مكة القوافل من العرب ، فعمرت بهم بعد خراب . وقد طمرت زمزم رمال الزمن ، فلو أن عبد المطلب عثر على موضعها ، لكانت لسقاية الحجيج موردا مباركا . وقوي تعلقه بالأمل في الاهتداء إلى موضعها ، حتى صار مشغلة تفكيره ليل نهار . وخايلته الرؤى في منامه ، تبشره بتحقيق أمله ، وتوجه خطاه نحو موضع بعينه ، بين وثني ( أساف ونائلة ) . وغدا ذات صباح بمعوله إلى الموضع الذي وجهته إليه رؤياه ، ومعه ابنه ( الحارث ) ليس له يومئذ ولد غيره . فلما هم بالحفر تصدت له قريش تأبى أن يحفر بين وثنيها ، وتعجب لجرأته عليها وليس له غير ولد واحد . يومها ، نذر عبد المطلب : لئن ولد له عشرة أبناء ثم بلغوا معه بحيث يمنعونه ، لينحرن أحدهم عند الكعبة قربانا . وتوافى بنوه عشرة ، وكان أصغرهم ( عبد الله ) فتلبث أبوهم زمانا حتى بلغوا ، ودعاهم إلى الوفاء بنذره ، وخرج بهم إلى الكعبة وقد حمل كل منهم قدحا عليه اسمه . وقدموها إلى صاحب القداح هناك ، وأبوهم ينقل بصره بينهم ، فتستقر نظراته لحظة على أصغرهم ( عبد الله ) فيفيض قلبه رقة ورحمة ، ويتمنى أن يخطئه السهم .