بهذا المهاجر الذي صرخ راصدهم معلنا عن قدومه ، فاحتشد عرب يثرب لاستقباله . وبدا لابن أخطب أن يتسلل هو وأخوه ( أبو ياسر ) في غلس الفجر ، ليتحققا من شخصية هذا النبي العربي ويستوثقا من أمره في ضوء ما أعطت التوراة من ملامح النبوة . وكانت ( صفية بنت حيي ) هناك ، صبية مدللة ما تزال في بيت أبيها ، لم تر النبي العربي بعد . قالت بعد أن أسلمت ودخلت بيت المصطفى ، تسترجع ذكرياتها عن يوم الهجرة . ( كنت أحب ولد أبي إليه والى عمي أبي ياسر ، لم ألقهما قط مع ولدهما إلا أخذاني دونه . فلما قدم رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، المدينة ، غدا عليه أبي وعمي مغلسين بين الفجر والصبح ، فلم يرجعا حتى كانا مع غروب الشمس . فأتيا متعبين ساقطين يمشيان الهوينى ، فهششت إليهما كما كنت إصنع ، فوالله ما التفت واحد منهما إلي ، مع ما بهما من الغم . وسمعت عمي أبا ياسر ، وهو يقول لأبي : - أهو هو ؟ قال : نعم ، إنه هو . سأله عمي : أتعرفه وتثبته ؟ قال : نعم أعرفه .