بل أخذت زمام المبادرة إلى الكيد له ، من اليوم الأول . وقد اقتضت طبيعة الجبهة ، أن يأخذ الصراع فيها جولتين . أولاهما إثر الهجرة ، بكل سلاح يهودي إلا الحرب والقتال . والأخرى بعد بدر وأحد والخندق ، حيث فرض الوضع المواجهة بالسيف في حرب معلنة . ومن الجولة الأولى ، ينكشف موضع جديد للخطر ، لافتا إلى موقع في الميدان لم يكن له حساب في العهد المكي قبل الهجرة . لم يكن قد مضى على المصطفى في دار هجرته يوم وبعض يوم ، حين انكمش يهود في دورهم ومجامعهم يرصدون أبعاد الموقف الطارئ ، ويحسبون ألف حساب لما وراءه من تهديد لوجودهم المغتصب هناك . أقرب الخطر أن ألف بين قلوب عرب المدينة من أوس وخزرج ، وأطفأ ما أوقد يهود بينها من نار العداوة والبغضاء . ووراءه أن ينير الاسلام بصائر العرب الأميين ويعلمهم الكتاب والحكمة ، فينكشف لهم ما عق يهود من الدين الموسوي وحرفوا من التوراة ، وقتلوا من أنبياء ، واقترفوا من جرائم وحشية أرقت البشرية على اختلاف الأجناس والأزمان . من أول يوم للهجرة ، بدأ قلقهم وكيدهم . وفى بيت زعيمهم ( حيي بن أخطب ) كانت العصابة في شغل شاغل