وسأل عمي : فما في نفسك منه ؟ ورد أبي : عداوته ما بقيت ) [1] . وكأنما كانت كلمته ، أول يوم للهجرة ، إيذانا بفتح جبهة جديدة ، أخطر وأضرى من الجبهة المكشوفة مع المشركين من قريش . كان هم يهود ، أن يوادعهم الاسلام ريثما يفيقون من صدمة الهجرة ، ويتدبرون وسيلة الخلاص من هذا الدين الذي لا يمكن أن يسالموه . وتعلق أملهم في الموادعة ، بأنهم في ظاهر أمرهم أهل كتاب وأتباع نبي مرسل . والقرآن فيما سمعوا من آياته ، يقرر أنه مصدق لما بين يديه من التوراة والإنجيل ، مقر بنبوة عيسى وموسى ويعقوب وإسحاق وإبراهيم وسائر الأنبياء لا يفرق بين أحد منهم . وفي خبث ومسكنة ، تقدموا يرحبون بالنبي المهاجر ويسألونه الموادعة والأمان ، وله عليهم أن يكونوا مع أهل المدينة ضد أي عدوان عليها من وثنيي مكة . وكان الضمان ، ما ليهود في المنطقة من مستعمرات غنية وتجارة رابحة وحصون مكدسة بالأموال ، فهم أحرص الناس على سلام المدينة وأمن المنطقة .