شك في وجهته ، برغم ما ذاع من توغل المطاردين في طريق مكة إلى يثرب ، دون أن يظفروا بأثر منه . اليهود أرسلوا راصدهم يرقب مقدم النبي المهاجر ، فأخذ مكانه على مشارف يثرب . وغير بعيد منه كان المهاجرون والأنصار من أوس وخزرج ، يخرجون كل صباح بعد الصلاة إلى ظاهر المدينة ، فما يزالون ينتظرون حتى تغلبهم الشمس على الظلال فيعودوا إلى دورهم . واليهودي قائم هناك في مرصده لا يريم . وإذ هم يدخلون بيوتهم ذات يوم بعد أن لم يبق ظل ، سمعوا اليهودي يصرخ بأعلى صوته : ( يا بني قيلة ، هذا جدكم قد جاء ) . وسرت البشرى في أنحاء دار الهجرة ، فتعالى الهتاف من الاحياء العربية يشق أجواز الفضاء ترحيبا بالمهاجر العظيم . صرخة اليهودي المعلنة بأعلى الصوت ، عن وصول المصطفى إلى دار هجرته ، زلزلت الأرض تحت يهود في مستعمراتهم الناشبة في شمال الحجاز : من حي بني قينقاع في قلب يثرب ، إلى قريظة وخيبر وفدك وتيماء ووادي القرى . ورج صداها حصون الأبلق والوطيح والسلالم وناعم والقموص ، وعشرات غيرها من الحصون المنيعة والآطام العازلة التي ( أقاموها على