أخوان شقيقان ، أبوهما ( عمرو بن عامر ) آخر ملوك سبأ قبل خرابها . وأمهما ( قيلة ) التي ينسب إليها عرب يثرب ، بنو قيلة . ونزح إخوتهم ( بنو جفنة بن غسان ) إلى أرض الشام فأسسوا بها إمارة الغساسنة العربية . وآخرون من جرهم ، نزلوا حول مكة . وهم الذين أصهر إليهم ( إسماعيل بن إبراهيم ) جد العرب العدنانية . أقام بنو قيلة في يثرب دهرا طويلا في أمن وسلام ورخاء ونعمة ، والمنطقة خالصة لهم . حتى طرأت عليهم من الشمال شراذم من فلول يهود ، فارين من وطأة الرومان الساحقة ، بعد المؤامرة على السيد المسيح عليه السلام . وحطوا على أخصب منطقة هناك ، فما لبثوا أن أنشبوا مخالبهم فيها واستنزفوا خيرها . وأقاموا لهم مستعمرات حصينة في يثرب وقريظة وخيبر وفدك وتيماء ووادي القرى ، وأثروا ثراء فاحشا على حساب الوجود العربي الذي بدأ يتصدع من وطأة الغزاة [1] . حاول العرب أول الامر أن يأمنوا شر يهود ، بعقد حلف جوار معهم . وفى ظل ذلك الحلف استطلع بنو قيلة أن يواصلوا حياتهم ويمارسوا نشاطهم . فخافت يهود على وجودها المغتصب ، وقطعت الحلف الذي بينهم ، وصرح الشر منهم حتى خاف بنو قيلة أن تجليهم يهود عن أرضهم .
[1] ولفنسون : تاريخ اليهود في جزيرة العرب : 9 ، 18 ط لجنة التأليف والترجمة والنشر .